مقالات

هل ينتظر أحد الغُرَابْ ؟!
مقال بقلم / عبده عبد الجواد
ما أجهل الانسان وهو يستعرض عبثا قُوتَهُ ويظن أن لن يقدر عليه أحد ،رغم ان بعوضة من جند الله تكفى لقتله .. مااجهله وهو يتناسى حقيقة ضعفه فينظر يمينا ويساراً ليحسد ويحقد ويبطش، ويستعمر، ويظلم بأمرعقله أو- بأمر حاكمه !هل ينتظر احد الغراب مقال عبده عبد الجواد
كان الغراب هو مدرس الانسان الأول بهداية من الله سبحانه وتعالى حين بدأ الصراع والقتال بين بنى آدم من قديم الأزل بقتل قابيل لأخيه بسبب الحسد لرغبته فى الزواج من امرأة يراها الأجمل -بينما كانت من حق أخيه ، فلما خرجت روح أخيه ووجد أمامه جثة هامدة لاتتحرك فاحتار فلم يرى من قبل انسان مثله بلا روح ، فلم يعرف ماذا يفعل؟! .. فلا أحد يستطيع أن يتحمل وجود جثة أعز الأحباب الى جواره لأكثر من ساعات لأن بعدها الروائح والتعفن والأمراض ..فاذا سقط الانسان وذهبت روحه فلا أحد فى الكون يطيقه-من بنى آدم - لاأحد سوى تراب الأرض الذى خلق منه !
بل ان الانسان اذا أصيب بمرض عضال أعاقه عن الحركة يصير كالموتى ، وكل مايربطه بالحياة مجرد أنفاس تخرج وتعود.. عندها يثقل الانسان ولايستطيع أى انسان منفردا حمله أو تحريكه- فما أثقله اذا خارت قواه وأصابه الوهن!
الانسان واختيار الايمان
لقد خلق الله الانسان ذو عقل يفكر ويتأمل ويتدبر ، وحمّله أمانة الارادة فى أن يدير شئون حياته كما يشاء.. يمينا أو يسارا.. خيرا أو شرا..بل أنه جعل له الارادة حتى فى حرية عبادته أو الكفر به.
وصار من بنى آدم من يؤمن بكتب السماء التى أرسلها الله للبشر من خلال أكثر من مائة ألف من الأنبياء والرسل عبر الزمان لتسفر كل جهودهم عن ايمان مايقرب من 55% من بنى آدم أما باقى سكان الأرض فملحدين وعبدة للبقر والشمس والناروغيرهم .. تلك خلاصة جهدهم وتلك مشيئة الله فى كونه الذى قال " ولو شاء الله لهدى الناس جميعا"(الرعد 29) ، "ولو شاء ربك لآمن كل من فى الأرض كلهم أجمعين "(يونس 99) ، ولاأحد يستطيع أن يتساءل : لماذا فعل الله ذلك؟ فسبحانه وتعالى " لايُسأل عما يفعل وهم يُسألون "( الأنبياء 23) ..بل لنا أن ننظر لهذا الكون من حولنا ونتساءل: ماذا فعل بنو آدم بأنفسهم بعدم ايمانهم أو تنوع ايمانهم وعقائدهم حقاً كانت أم باطلا ؟!
فقد شاءت ارادة الله عز وجل أن يكون تقريبا نصف العالم أهل كتاب والنصف الآخر بلا ايمان  ولاكتاب .. بلا عقل ولا فكر .. فأى عقل أو فكر ذاك الذى يقبل أن يعبد بقرة أو نار أو شمس أو تمثال ؟! وأى خير أو عدل أو سلام نحلم أن نراه فى الكون ونصفه أو يزيد لايعبدون الله .
عقل الانسان والآخر والمتناقضات
أجدنى اتوقف طويلا لأفكر فى مشيئة الله ان شاء أن يؤمن الناس جميعا ، وبين تركه للانسان بأن يختار بعقله مايريد وفى علمه الأزلى ماذا سيختار كل انسان ويتركه ليعبده أو يكفر به دون أى اجبار، ولك أن تتصور شكل الكون حيث كل بنو آدم يؤمن بالله وكتبه ورسله فهل ستكون الحياة هادئة بلا قتال أو تصارع ؟
الواقع يقول أن الكون كله قائم على وجود النقائض فتوجد الشمس والقمر ليكون هناك نهار نتحرك ونعمل ونعمر الكون فيه ، ثم ليل للنوم والراحة وتهجد العابدين
يوجد الخير والشر ..توجد الصحة والمرض .. يوجد الجمال والقبح ..  هى بالفعل  متناقصات تظهر القيمة والفرق بينها وبين نقيضها ، فالغنى صاحب المال والسلطان لايستشعر قيمة مايعيش فيه من نِعم، كما يراها الفقير أواذا فقد مايملك  !
وفى النهاية توجد جنة ونار ويوجد ثواب وعقاب تلك نقائض الآخرة غير تلك التى فى حياتنا الدنيا .
الايمان والسلام
ونعود للسؤال: هل لو صار بنو آدم كلهم مؤمنين .. كلهم شىء واحد .. هل كانوا سيشعرون بمعنى ولذة الايمان وهم لايرون سواه فى الكون أم كان لابد من وجود جزء من الكفار والضالين والمضلين  ليشعرون بقيمة ماهم فيه من نِعم ..
ان خلقة بنى آدم وعقله لايشعر بقيمة مايملك الا اذا فقده او رأى نقيض ماهو فيه فى الآخَر.. لابد أن يوجد شىء يقيس عليه بعقله.. كم أتعسك وأجهدك عقلك أيها الانسان !
وهكذا فلو كان بنو آدم كلهم مؤمنين ماكان ذلك كافيا ليعيش فى سلام ولاتقاتل مع الآخر فهى خلقته وقضية عقله الذى فى رأسه لابد أن يتأمل ويعرف ما ، ومن حوله.. قضية عقله.. الآخر، وهل هو فى وضع أفضل أم الآخَر ؟
فهل كان أحد أبناء آدم مؤمنا والآخر كافراً لذا قتله ؟ .. لقد كان الحسد أول الأسباب لأول جريمة بشرية فى التاريخ ؟ وحين نستعرض صفحات مختلفة من صفحات التاريخ ففى تاريخ الاسلام والمسلمين تقاتل صحابة النبى على الخلافة (فكانت الرغبة فى السلطة ) وقتل من قتل فى ذلك الصراع ، والان ألم ينشق من المسلمين البعض تحت رايات سوداء وغيرها ويرددون أنهم يطبقون الاسلام الحقيقى ويتهمون الباقين بالكفر ويستحلون دماءهم ، رغم أن الاسلام يأمرهم بقتال الكفار وينهى عن قتل المسلم وقتاله ؟!
فليس توحد الدين او العقيدة أو الجنس البشرى سببا لمنع القتل والقتال أو التنكيل أو الطرد والتعذيب .. انه الانسان الذى قتله عقله وأفكاره قبل أن يقتله الاخر تحت لواء دينى أو مذهبى أو عرقى.. انه الانسان الذى لديه دائما الأسباب والدوافع للقتال والقتل لأخيه من بنى آدم.. فقد أخرج آل لوط من قريتهم ليس لأنهم كُفار بل لأنهم يتطهرون ! وسيظل الصراع .. يوما ما ستُقتل فى ساحة قتال أوعلى فراشك لأن قائد البلد الذى تعيش فيه أصدر قرارا بالقتال بدافع سياسى أو  اقتصادى أو استعمارى فما أتعس الشعوب اذا ابتليت بحاكم جاهل أو متطرف الفكر أو عاشق للسلطة .. ستملأ أذنك الخطب الرنانة والكلمات الحماسية.. انه من أجل تقدم الوطن أو طرد المعتدين أو من اجل غَدٍ أفضل.. لايجيء!
يُقتل المسلمين  فى ماينمار وغيرها من بقاع الأرض لأنهم يرونهم كفاراً حسب عقيدتهم ويستحقون القتل ونحن المسلمين نراهم أيضا كذلك ، وقتل هتلر اليهود لمجرد أنهم يهود ويراهم سبب الفساد فى العالم ، ثم قَتَل أصحاب العاهات والمعاقين ذهنيا وبدنيا  لأنهم من مُعوقات التنمية فلما تحققت النهضة الألمانية فرح الناس بالمال وأُعتُبر القتل مشروعا !
ويرى اليهود بيجين وشارون أبطالا.. فلولا مذابحهم للعرب والمسلمين ما قامت دولتهم وماحسب العرب لها ألف حساب بينما نراهم كعرب- قتلة وسفاحين!
، وهكذا فلوامتلك الانسان القدرة على أن يبطش بالاخر فقليل منهم مايعفو !
سيظل الشباب وكل من استطاع- حمل السلاح- ليخوض الحرب المجيدة ولاتقلق فلو كنت من أهل الكتاب فأنت شهيد أو ستكون بطلاً قُتِلت من أجل الوطن  وستوضع على قبرك الورود وستُقاد الشموع ويُحتفل بك فى يوم الشهيد – لفترة حتى تتبدل الأجيال وتدق من جديد طبول الحرب التى تدمر حتى القبور ويُمحَى التاريخ ويتغير البشر ويتكرر سيناريو القتل والقتال فى كل زمان بأسباب وأهداف جديدة يبررها الحاكم وبطانته والمنتفعين،  وسيظل صراع بنى آدم ويُقتَل ويُطرَد ويُشّرَد الملايين بظلم ظالم أو جهل جاهل لتباين الأفكار والمعتقدات بحقٍ أو بغير حق  أو لأى أسباب ، ويتساقط القتلى وتسيل الدماء ، فما أهون الانسان على الانسان .
وفى النهاية تحفر المقابر الجماعية ويلقى فيها بجثث بنى آدم وتدفن كما القمامة والنفايات فقد تعلموا من أسلافهم فى بدء الخليقة كيف يوارى أخيهم التراب ،ولم يعد احدهم ينتظر الغراب .
تم نشر المقال على مقال كلاود على الرابط : 
                                      @@@@@@@@@@@@@
كيف وماذا صارت لماذا ؟! مقال عبده عبد الجوادكانت أغلب أسئلتنا عن ديننا فيما سلف يسبقها : كيف او ماذا ؟ .. نسأل عن كيفية العبادة، وماذا نفعل لنؤديها على الوجه الأكمل.. كان ذلك فى الوقت التى كانت وسائل الاتصال والتواصل قليلة وليتها بقت قليلة فمع كثرتها بلا ضابط ولا رقيب صار كل من هب ودب يستطيع أن ينشر أى معلومة دينية أو طبية أو حتى علمية دونما أى توثيق بمصدر أو دليل من علم ، وتنتشر سريعا فى لحظات ..!
يوما ما كان العلم نادرا وصعب المنال والامكانيات قليلة لشراء كتاب أو مرجع ، وعلى الرغم من ذلك كان هناك علم حقيقى وعلماء حقيقيين، أما الآن فمع انتشار العلم وسهولة وسائله كثر الجهل والجُهّال ،وكثرت الأسئلة الحائرة فى العقول وعلى ألسنة الناس ويريدون على عجل- لها جواب ، ولما كان العلم لايُنَال على عجل فلم يجدوا أسرع ولا اعجل من اجابة الجهلة والمُرْجِفين( الذين ينشرون الكذب والشائعات) ،وانصاف المتعلمين والمأجورين الذين يقبضون ثمن كل شيىء وأى شيىء حتى ولو كان الدين من اجل شهرة او واجهة اجتماعية ويعاونهم في نيلها امثالهم !
صارت أغلب الأسئلة يتصدرها (لماذا؟) ..لماذا نعبد الله .. لماذا نفعل كذا ولماذا حدث كذا ؟
..بدلا من : كيف نعبد الله ؟ وماذا نفعل لتكون عبادتنا لايشوبها شائبة ونتقرب أكثر لخالقنا ؟
صار استعمال حروف الاستفهام مثل (الهمزة أو هل ) والتى اجابتها مختصرة فى كلمة : نعم أو لا – صار قليلا جدا ..فقد كثر الكلام وكثر الجدل وحُرِمنا القناعة والرضا بالقليل حتى فى أسئلتنا وأجوبتها .. كثرت المواقع ومنصات الكلام علمى وغير علمى صحيح وغير صحيح وكثر المتكلمون وكثرت أغراضهم ،وقليلهم الذى يبغى نشر العلم الصحيح لوجه الله .
كثرت آذان المستمعين بغير وعى وقل الواعون فحاول ان تكون من القلة الواعية وليس من الكثرة الضالة.. ابحث عن العلم من مصدره الحقيقى الموثق والموثوق به فقد كَثُرَ فى البحر الزَبَدْ وكَثُرَ من الناس الغُثَاَءْ .. ابحث لك عن قائد أو معلم .. ابحث عن قدوة أو دليل .. ابحث عن ثمرة يانعة آمنة بين الثمار الكثيرة المختلطة ، واخرج الفاسد فورا او دُلْ عليه ولاتواريه ولاتتوارى عنه ، لاتتخلى عن مسئولياتك فقد فسدت المجتمعات من كثرة ما نوارى ونتوارى منه .. من كثرة ترديدنا العقيم : " ليس من شأنى.. لست انا الذى يصلح الكون!" .. فمن اذاً سيصلحه اذا تخلى الكائن العاقل الذى خلقه الله فى الكون ليحمل الأمانة ويديره بعقله فمن يدير ؟ أأصحاب انصاف العقول أم الأنعام ؟!
أَكْثِر من استفهامك لكل شيىء من حولك لتتعلم ، فأدوات الاستفهام هى ادوات التعلم .. أكثرمن السؤال بكافة الأدوات فى كافة العلوم كما تشاء .. قل: ما او ماذا؟ .. قل: كيف وهل ومتى وأين ولماذا ؟ قل ماتشاء ، واعلم ان دليل زيادة علمك هو قلة استخدامك لأسماء الاستفهام السابقة واستبدالها بحروف الاستفهام مثل: الهمزة وهل ؟
 وحين تصل حتى لو لأقل منزلة من العلم ستجد أكثر سؤالك لنفسك : [أ] أطعت الله حق طاعته؟ أو [هل] ماأفعله الآن أو ماأنوى فعله هل يرضى الله .. ؟ وستجدك فى دينك خاصة لاتستعمل أو تستعمل بحذر [لماذا] فدينك دين عقل وعلم ولاينهاك عن سؤالك أَنّى كان ، وكيف كان .. ولكن لاتنسى أن أركان عقيدتك تستند على التوحيد والايمان بالغيب فى ايمانك بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.. فايمانك لايرتبط بمعرفة أسباب كل الأشياء ولو بحثت فى أسئلة المشككين التى دائما بلماذا ( فلماذا نعبد؟! ولماذا خلق الله الخنزير وقد حُرّم أكل لحمه ؟ولماذا تقضى المرأة أيام الصوم الفائتة ولاتقضى أيام صلاتها ولماذا ولماذا ؟!! ) ..
لو بحثت حتما ستجد اجابات المهم ألا يكون يقينك مرتبط بمعرفة السبب والاقتناع به فكل أسباب الكون موجودة تماما كاعجاز القرأن ولكنها لن تظهر دفعة واحدة وحتما ستظهر عبر الزمان- بتقدم علم أو ازدهار فكر- فعدم معرفتها الآن ليس دليلا على عدم وجودها ، فليس اليقين هو فقط ماتراه أو مايحيطه علمك ، وتذكرأقرب اجتماع او صلاة جمعة كنت تحضره حين تساءلت أنت وصديقك عن أحد أصدقائكما وجزمتم الرأى انه لم يحضر وعلمتم فيما بعد أنه كان حاضرا وان لم تراه أعينكما فقد كان موجودا وان لم يحاط علمكما به !
ولو بحثت فى القرآن ستجد الهمزة الاستفهامية (أ) ، و(هل) وردت كثيرا بما يصعب حصره ثم (كيف) وردت 81 مرة ،(أين) وردت 28 مرة ، ( ماذا) وردت 27 مرة ثم ( متى) 9 مرات
ألا يجب ان نستنبط من ذلك شيئاً ؟!
احرص على تلقى العلم ولاتتعجل أن تنشره وذكر نفسك بأنك مازلت تحتاج المزيد من العلم والتعلم والصبر، لاتفرح بصفحتك المفتوحة على وسائل التواصل تأتمر بأمرك وتنشر وتكتب فيها ماتشاء ، حقا انه لشيىء مخيف ويستحق الفكر والتأنى والتأمل - لو تذكرت أن تلك الصفحات وماتخطه بها من كلمات -ستحتويها يوما صحائف أعمالك..
انطلق فى العلم والتعلم ،وقف حيث يوقِفُكَ مُعّلمك .. فهو دليلك وقدوتك الذى اخترته ، وهو وسيلتك لصحيح علمك ودينك، واعلم أن طلب العلم -خاصة فى دينك- لايتطلب فقط سؤالك:"( لماذا)" بل يحتاج أكثر إلى ( كيف وماذا ؟ ) وغيرهم .
تم  نشر المقال على مقال كلاود 
على الرابط التالى :
@@@@@@@@@@@@@
مقال : مملكة الحب
بقلم / عبده عبد الجواد
هى حلم كل العشاق .. مملكة الحب.. فليس هناك فى الحياة سوى الحب والكلمات الرقيقة الحنونة ، فهى جولييت تحلم بحبيبها ذلك الفارس الذى سيخطفها على الجواد الأبيض ويسير- بل يطير بها فوق السحاب ، وهو روميو- ذلك العاشق ذو القلب والفكر الملائكى ولايرى فى الكون سواها ، ولايرى من الحياة سوى الجمال والرقة وينام يحلم بشمس الصباح التى تجمعه بها يوما فى مملكة الحب .
أفيقوا.. فأنتَ لن تكونَ يوماً روميوأو قيس !  وأنت ِلن تكونين يوماً جولييت أو ليلى !
هناك حقيقة لابد أن تعرفها اذا كان حلمك فعلا الوصول لمملكة الحب فلا تتعجل ، فللكون نواميسه وسننه التى لاتخطىء ، وكل من يحلق فى السماء ويطير فى العنان لابد له يوما أن يسقط -تلك الحقيقة التى  ستكون صادمة يوما ما -إذا لم تنتبهوا .
 فهل تستطيع أن تدخل المطار لتستقل طائرة الى مكان دون ان يكون معك جواز سفرك وبه تأشيرة مكان هدفك الذى بعد ساعات طالت أم قصرت ستصل اليه ، وكذلك تذاكر السفر وبعد ذلك تتوجه الى المطار !
حتى نستطيع أن نحلق الى سماء مملكة الحب التى هى فى خيالنا خيال -فما أجملها لو صارت واقعاً نعيش فيه مع من نحب- ولكن لابد ان نتلمس خطى الواقع لكى نحلق بأجنحة الحب ونصل لمملكتنا المنشودة فابحث عن التوافق النفسى والبدنى  والاجتماعى .. ابحث عن التوافق الفكرى مع من تحب .. راجع قدرتك المادية فلابد ان يكون لك عمل ودخل حتى لو شبه ثابت بعيداً عن أسرتك وأسرتها تلك مقومات النجاح وخطوات الدخول لمطارالحب حيث تصطحب رفيقة عمرك وتستقل طائرتك لمملكة الحب..لسان حالك يقول:لقد تعقدت المسألة!  لو كان هذا فكرك فاعلم أن "روميو وجولييت" هى قصة وليست واقع،وقد ماتا منتحرين وبقى أثرهما الجميل فى تصالح عائلتيهما المتنازعتين لشعورهما بالذنب لمقتل ولديهما،ولم يكن قرارهما بالانتحار لهذا الهدف ولكن الأمر أن "روميو" اعتقد ان "جولييت" قد ماتت أو قتلها أهلها بسببه فتجرع السم لأنه لايستطيع العيش بدونها ،وأما هى فقد أفاقت من دواء تناولته يجعلها تنام لفترة طويلة كالميتة هربا من الزوج الذى اختاره لها أهلها .. فلما أفاقت وجدت حبيبها منتحراً بجانبها فقررت هى الأخرى التخلص من حياتها وفى النهاية فذلك خيال كاتب ! فهل يعجبك هذا الخيال وتلك النهاية التى هى-وفق عقيدتنا كُفرٌ بَيّنْ 
أما عن الواقع فتجربة صديقيك التاريخين العاشقين وكليهما " قيس" لقبا بالمجانين وهما فى الأصل ليسا كذلك وهكذا الحب ان لم يقوده الفكرالواقعى فهو جنون.. أحب القيسان ليلى ولبنى فالأول: قيس بن الملوح .. كانت "ليلى" ابنة عمه واعتبر أهلها أن شِعْره الذى ذاع وانتشر بين الناس بقصة حبهما تشهيراً فرفض أهلها زواجهما ،وتزوجت غيره رغم أنه عرض مهراً لها أكبر- فبقيت داخله الرمز والقمر الذى سيظل يراه طيلة حياته دون أن يلمسه أو يقترب منه،ولما علم بأنها راضية بحياتها وتعيش كما تعيش كل الزوجات ..هام على وجهه منعزلا حزينا فى الصحراء حتى وجدوه ميتا بين الحصى والأحجار !!
والثانى: قيس بن ذريح الذى هام عشقا بحبيبته "لبنى" وذاع الأمر بين الناس الا أن توسط الوسطاء جمعهما وتزوجا وعاشا سنوات معا، وفرق بينهما أنها لم تنجب وبضغط من الأهل طلقها ، ورفضت هى طلبات الزواج من بعده وكذلك هو الى أن تم الضغط عليه مرة أخرى بضرورة الزواج فتزوج الا أنه لم يستطع أن يستمر فتركها بعد ثلاث ليالى دون أى يمسها ، وكانت "لبنى "هى الأخرى قد تزوجت حين علمت بزواجه واعتبرته غداراً ، إلا أنها لم تطق أيضا زوجها وأخبرته فخيرها بينه وبين قيس فاختارت قيس وطُلِقَتْ وقبل أن تُكمل عدتها لتعود لحبيبها ماتت فبكاها حتى مات هو أيضا بعدها بسنوات قليلة !
فأى حياة من حياة هؤلاء العشاق تريد ان تعيش وتختار، فالحياة ليس كل خيالها جميل  وحلو، وكذلك ليس كل واقعها قبيح  ومر فلابد أن تعيش الواقع ممتزجا ببعض الخيال ، ولابد أن تحلم وتعيش فى الخيال وأنت ممتلكاً لزمام الواقع .. ومع الأيام ستكون حبيبتك زوجتك اذا قدر الله ، أو تكون زوجتك حبيبتك اذا رضيت بقسمة الله
فلا تهيم فى خيالك كثيرا فقد تُوَفق فى الزواج من حبيبتك التى ترى فيها الآن -بمرآة الحب-كل النساء ثم تعيش سراباً وتبحث عن سبيل الفرار، وقد تموت عشقاً على ذكرى فراقها وعدم نيلها وهكذا الانسان دائماً مايعشق البعيد ولايشعر بقيمة القريب ..دائما مايحب البكاء على الأطلال.. دائما لايدرك بصره السراب إلا متأخراً
..وسيظل يهرب من الواقع ويعشق سراب العيش فى مملكة الحب .
@@@@@@@@@@@@@
مقال: نعم أنا جاهل 
بقلم / عبده عبد الجواد
هل لديك القدرة على أن تُجيب بهذه الإجابة على نفسك أوأي شخص يوجه لك سؤالاً مباغتاً او يناقشك في موضوع لا تعلمه هل ستجادل ام ستعترف بأنك جاهل؟!
لو فعلت ذلك لكانت الخطوة الأولى لاكتشاف عيوب نفسك وتطويرها وتصير شخصاً آخر.. نعم.. لا تندهش!! ولاتخجل واعترف فكل منا عالم في شيء وجاهل في أشياء أخرى!!
وإذا كان لا يوجد انسان في الحياة عالم بكل العلوم وبكل شيء من حوله غير جاهل بأي شيء فلم الخجل ان تعترف، ولنعلم في البداية ان المعنى اللغوي لكلمة " جاهل" أنه: لا يقرأ ولايكتب.. أو الذي يعتقد الشيء على خلاف الحقيقة.. أو الذي لا يعلم شيئا أو يعلم قليلا عن مجال معين فهو جاهل بالتجارة أو بالقانون مثلا.. أوالذى يتصرف بحمق وغباء مع الناس أي يفتقد الحكمة وقيل: " من جهل الحق أضاعه" وفى الآية الكريمة" قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين".
والمشكلة الكبرى ليست في الجهل في حد ذاته بل أن الطامة الكبرى ألا تدري أنك لا تدري أي: لا تعلم أنك جاهل!! أو أن تعلم القليل وتظنه مبلغ العلم، وبالتالي فبداية العلم ألا تجادل أحد بماتعلم بل يجب أن تتواضع وتذكر أن هذا في حدود معلوماتك وتَذّكران " وفوق كل ذي علم عليم"، ومن يظن أنه بلغ مبلغ العلم فهو أجهل الناس.
نحن لا نرى الحقيقة كاملة لنعرف أننا جهلاء أو علماء الا في حدود خبراتنا وتجاربنا السابقة، فالحقيقة لها أكثر من وجه وحدود علمك فى الوجه الذي رأيته فقط ويوضح ذلك الرواية القديمة في كتب التراث عن "الفيل والعميان" والتي وردت بأكثر من طريقة وملخصها أن ستة من العميان علموا ان فيلاً سيحضر للمدينة في الاحتفال الكبير (أو أن الفيل كان يخص الحاكم ويتباهى به بين الناس).. الخلاصة ان العميان الستة ذهبوا للحاكم ورجوه أن يلمسوا هذا الفيل لأنهم سمعوا عنه ولا يعلمون أي تصور لشكله فوافق الحاكم بشرط أن يصف كل منهم الفيل بكلمة مختصرة بعد ان يلمسه فقال الأول: أنه كالحبل ( لأنه لمس ذيله) وقال الثاني: أنه كالحائط ( لأنه لمس جسمه) وقال الثالث: أنه كالخنجر الكبير ( لأنه لمس نابه) وقال الرابع: انه كالثعبان ( لأنه لمس خرطومه)  وقال الخامس: أنه كالمروحة ( لأنه لمس أذنيه ) وقال السادس: انه كجذع الشجرة  ( لأنه لمس قدمه ) وبينما كانت تتعالى ضحكات السخرية من كلام العميان نهاهم الحاكم عن ذلك وقال: لا تسخرون منهم فقد عبركل منهم عن حدود علمه وفق الجزء الذى لمسه، وكذلك كل انسان يتحدث في حدود ما علمه واحتك به ورآه من الحقيقة الكاملة التي لا يمكن ان يراها أحد !!
وهكذا فكلما زاد علمك فانت تقرأ وتكتب حسب اللغات التي تعلمتها، تتصرف بحكمة لأنك ترى نفسك والناس وكل الأشياء من حولك على حقيقتها، تعلم الحق ولاتضيعه، وفوق كل هذا فكلما زدت علما زدت تواضعا، ستتغير شخصيتك تماما وكما ذكر وليم شكسبير" أن الأحمق يظن نفسه حكيما ولكن الرجل الحكيم يعرف نفسه انه أحمق !!"
والسؤال هنا: كيف أتعلم أو كيف أكون عالما؟؟
في البداية إذا كنت صغيرا في أي مرحلة دراسية فابدأ الآن فالعلم في زمانكم أسهل بكثير من زماننا لديكم الآن الانترنت والقنوات الفضائية التعليمية، فلست بحاجة مثلنا في الماضي أن تدخر لتسافر معارض الكتاب هنا وهناك لتحصل على أمهات الكتب العلمية، فاستغل وسائل الاتصال المتاحة إذا لم يكن لدى أسرتك الإمكانيات للحصول على كورسات في مراكز متخصصة، وضع نصب عينك قبل فوات الأوان أن أي يوم يمر دون أن تتعلم فيه أي شيء هو خسارة فادحة، ولاتضيع وقتك في الشات والافشات والنكات فلن تظل تضحك كثيرا حتى النهاية!!
 طور شخصيتك بالعلم وجهدك الذاتي إن كان أبواك من متوسطي التعليم أو غير المتعلمين اجعل لك خطة وهدف للتعلم تعتمد أسسها على بنود ستة: الأول: علاقتك بربك( فيجب ان تحافظ على الصلاة وورد -حتى لو قليل -من القران والاذكار ) الثاني: علاقتك بالآخرين ( بأن تنتقى أصدقاءك من وسط اجتماعي مثلك او أفضل قليلا من الطموحين العقلاء وابتعد عن الفضوليين والتافهين والمحبطين ) الثالث: أن تتعرف على موهبتك في أي مجال وتطورها فلابد ان يكون لك هواية رياضية فنية علمية  ، الرابع: أن تكون متفوقا في دراستك وتخصصك الذى سينتهى به مسارك التعليمي وليس مجرد شهادة لأنها المجال الذى ستدخل به الى مجال العمل في المجتمع ،الخامس: أن تكون متفوقا في اللغات حتى يسهل عليك تلقى العلوم الحديثة بلغتها ، ولاتنسى لغتك الأصلية لأنها لغة القرآن ، السادس: ان تكون متفوقا في الكمبيوتر فهو وسيلتك الأساسية للتعلم والاحتكاك واكتساب العلوم والخبرات ، والخلاصة التركيز في هدفك ولتعلم أنك في النهاية سيتركز علمك في تخصصك الأساسي فضع كل تركيزك عليه وهوايتك ولغتك الجيدة وعلمك بالكمبيوتر سيزيدك ثقافة ومعلومات عامة فلاتشتت نفسك فلاأحد يتعلم او يعلم كل شيء في علوم الحياة وتخصصاتها .
اما إذا كنت كبيرا فأنك حتما تعلم ان العلم من المهد الى اللحد، تواصل مع أولادك وأصدقائك وحاول أن تركز على نقاط ضعفك وحدد هدفك: ماذا أريد أن أتعلم؟ أو بمعنى آخر: هل انا جاهل؟ وتمالك نفسك واستجمع شجاعتك الأدبية لتجيب على نفسك نعم أنا ينقصني تعلم كذا وكذا ... نعم أحتاج المساعدة.. نعم انا جاهل فتلك هي البداية.
@@@@@@@@@@@@
رحلة البحث عن الذات 3
سأبدأ اليوم فى تعلم ماأُحِبْ أو حُبْ ماأتعلم لأحصل على الحافز وأجدد فى نفسى شغف الطفولة القديم لكي أتعلم أى شىء .
 تذكر كيف كانت أمك تمسك البرتقالة لتقوم بتقشيرها لك بكل عناية دون ان تتوغل سكينها عليها او تجرحها ..كنت تتأملها بعناية فلما كبرت قليلا واطمأنت امك لأن تترك لك السكين يومها كنت فرحا وشغفا لتقلد أمك وجربت مرة وأخرى حتى نجحت فى تقشيرالبرتقالة مثلها..استحضرذلك الشغف القديم فى ذاتك لتتعلم ماتحب أن تتعلمه ، أو تعلم شيىء جديد يضيف لك خبرة فى مجال معين مطلوب فى                                                                           المجتمع فالتعلم أهم خطوات البحث عن الذات
درب نفسك على خطة للمستقبل
ابدأ بالاشياء الصغيرة فى حياتك ، فكر فى وقت يومك فهو أربع وعشرين ساعة ولكى تبدا فى تعديل مسار حياتك فلابد من المزيد من العمل والقليل من الراحة يكفيك الآن خمسة أو ست ساعات من النوم ، ليبدأ يومك بصلاة الفجر فهى أول السبل لاصلاح الذات .
وعملك الحالى حتى لو كان يأخذ ثمانى ساعات فماذا تفعل فى العشر ساعات الأخرى..!
لاابد أن تستثمر كل دقيقة من وقتك وتضبط ايقاع حياتك فلماذا تذهب الى عملك متأخراً؟ أمسك ورقة صغيرة وحلل الأسباب لنفسك..لأنى أنام متاخراً..لأننى أستغرق بعض الوقت فى جمع أشيائى فى الصباح..لأننى أتأخر فى حمامى الصباحى..لأن الطريق للعمل يكون مزدحماً ..الخ
واقترح الحلول حسب تفكيرك..لابد أن أُبكر موعد نومى..أجهز أشيائى قبل النوم..أضع ساعة حائط فى الحمام لأشعر بالوقت ولايستدرجنى جمال المياة الدافئة..أبحث عن طرق بديلة للذهاب للعمل أو على الأقل الأجزاء المزدحمة من الطريق ..اذن فهناك حل.. يمكن عمل خريطة أو خطة ..الآن هل يمكنك بنفس الأسلوب وضع خطة لتطويرمستقبلك.
روعة الفكر الانسانى
إنها روعة الفكر التى خلق به ومن أجله الانسان ليفكر ويتعلم ويطور ويعمر الارض " قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق" ، "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات" فلن يرتفع شأن الانسان إلا بالايمان بالله والايمان بقدراته الذاتية على الفكر والابداع والتعلم، فلو لم يفكر( نيوتن) لما علمنا قوانين الجاذبية ونظريات الضوء ، ولولم يفكر (جوتنبرج) لما طبعنا العلوم وتاريخ البشرية ، ولم يفكر الصينى (تسى آى لون) -لما عرفنا الورق ،وغيرهم من العظماء الذين اكتشفوا الكهرباء والمحركات والمولدات و..و..
لو لم يفكرالانسان لظللنا حتى الآن نعيش فى الكهوف وفى الظلام ولاإستطعنا أن ندون سجل تاريخ البشرية من خلال الطباعة على الأوراق .. لو لم يفكر الانسان لما إستطعنا أن نحمل كتابا من ألف صفحة فى جيبنا أوعلي إسطوانة كمبيوتروإحتجنا لمساحات وإمكانيات كبيرة لنقل وحفظ الكتب المدونة على الأحجاروالجلود وورق البردى ..فالفكر أساس الحياة وتطورها وإستمرارها ..إذا لم تفكر فأنت فى تعداد الموتى حتى ولو كنت حيا! .
إنتصرعلى نفسك ورغباتها السلبية وانتفض بهمة فذلك أعظم انتصار وتقرب الى الله ليعينك فهو وحده الذى يصلح النفوس ويدبر لها لأنها لاتحسن التدبير.
من منا لايحلم أن يتعلم ويرى ويسمع ويقرأ ويعيش ما يحب ومن يحب، ولكن اذا اختار الله لنا واقعا غير ذلك من ظروف حياتنا فلنرضى ولانيأس ولنبحث عن شعاع ضوء ومخرج لنتعايش مع واقعنا ولنبحث عن وسيلة لنحب مانتعلم ومانرى ومانسمع لأننا نحب أن نصل فى النهاية للنجاح الذى نحبه ونرجوه جميعا .
تعلم كيف تفكر وتحلم بهدف وتحفز له بشغف تماما مثل ذلك الحلم القديم بتقشير البرتقالة مثل امك !!
@@@@@@@@@@@@@@@@@@
فن التعامل مع الناس فى سبعة أحرف
مقال بقلم / عبده عبد الجواد
"شكرا "كلمة صغيرة من أربعة أحرف والأصغر منها " آسف" يعبران عن منزلتك الحقيقية بين أنقياء النفوس وأتقياء القلوب وترتبط بمستوى علمك بثقافة الامتنان والاعتذار، هاتان الكلمتان الصغيرتان لا يُجْهِد أي منا النطق بهما ولكن الجُحود والكِبْر هما فقط ما يكبل لسانك فماذا تعرف عن هذه الثقافة؟
ثقافة الامتنان يعبر عنها بالشكر، والشكر نوعان فاذا كان لله عز وجل فالتعبير عنه بالحمد لله على نِعَمِهِ واما إذا كان لبشر فتعبيره كلمة " شكرا" فاذا ثَقُلَتْ على لسانك أو غَلَبَكَ كِبْرُكْ فأقلها ابتسامة لعلك تنال صدقة لتَبَسُمكَ في وجه أخيك، أو لتكن إيماءة بسيطة برأسك أو إشارة بيدك فهل تستطيع؟؟ ..لابد أن تُعَبّرْ بأي وسيلة فقد أسدى لك شخص معروفا أو أبدى نحوك شعورا طيبا ولو بكلمة أو أعطاك نصيحة أمينة وقت تشتت فكرك وضاقت في عينك الحياة وشعرت وكأن عقلك الذي تتباهى به دائما قد توقف.. تذكر يوم وقف معك وقت شدة.. لا تنسى يومها فقد شعرت رغم زحام البشر وكأنك وحيد ولم تجد سواه يساندك.
أما ثقافة الاعتذار فيعبر عنها بالأسف وهو أيضاً نوعين فاذا كان أسفك لله عز وجل فهو التوبة عن ذنب اقترفته في حق الله أو عبد من عباده، واما ان كان لبشر فتعبيره "آسف" فاذا عجزت أن تنطق بها مع ربك توبة فانت ضال وجاحد لنعم الله وقدرته ومساحة عفوه عنك، وتجاوزه وامهاله سبحانه وتعالى لعلك يوما تعود وتتوب.
وإذا عجزت أن تنطق بها لبشر فانت حتما متكبر ويجب إعادة حساباتك مع نفسك وتلبسها ثوب التواضع.
فمالذى يمنعنا من التعبير عن الامتنان أو الاعتذار؟ وهل يكون ذلك مع الكبير والصغير؟
غالبا ما نظن ان الشكر لمن هم مثلنا في العمر او المكانة الاجتماعية فقط أما من هم أقل منا فيصعب علينا الأمر فيظن صاحب العمل أن شكره لعامله يقلل من قدره وقد يكلفه ماديا حيث معناه انتظاره لمكافأة اجادة.
 وإذا اعتذر له لأي موقف في العمل فذلك معناه الذل والخضوع والتقليل من شأنه أمام العمال -على غير الحقيقة- ذلك لأن من لم يشكر الناس لم يشكر الله، وان الكلمة الطيبة صدقة، وتَبَسُمُكَ في وجه أخيك صدقة فماذا أنت فاعل الآن؟
واذا كان من هو أقل منك ينتظر مالا فزوجتك وابنائك وأخيك وصديقك وجارك ومن قبلهم أبيك وأمك لا ينتظرون منك أي ماديات فقط كلمة شكر او اعتذار لتطيب النفوس وتصفو ،فاذا كنت ما زلت لا تستطيع النطق بهما فيجب ان تعلم ان آدم وزوجه حواء  قد اعتذرا عن الخطأ في حق الله بالتوبة : " قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وأن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين "، وكذلك  النبي صلى الله عليه وسلم قد اعتذر مرتين شهيرتين أحدهما لعبد الله بن ام مكتوم (الأعمى)في واقعة اعراضه عنه بمجرد العبوس في وجهه( والذى لم يراه أصلا) ولم يخطئ في حقه كلاماً أو لفظاً، وكان درسا للنبي وللأمة بأن نهتم في تعاملاتنا مع الناس بنفس القدر غنيهم وفقيرهم لأنك لا تعلم من هو الأفضل والأزكى نفسا عند الله عز وجل ، والتي عبر القرآن عنها في سورة "عبس وتولى" وكان كلما رآه يقول:" مرحبا بمن عاتبني فيه ربى"  لنتعلم فن حساسية التعامل مع الناس ،،وفى واقعة تأبير النخل الشهيرة (تلقيح النخل) والتى أخبر النبى بعض أصحابه بظنه أن هذا لايفيد فلما امتنعوا عن التلقيح وكانت النتيجة سلبية -أيضا اعتذرلأصحابه قائلا: "فانى إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن" وحفزنا على السبق بالاعتذار فقال: "وخيرهما من يبدأ بالسلام " ومن أدب الإسلام التواضع لمن جاء يعتذر لك وان تقبل اعتذاره ولاترده ، كذلك النهى عن " الهُمَزَة" أي الإساءة الى جليسك لفظا و"اللُمَزَة" وهى الإساءة اليه بأقل حركة بالوجه أو بغمزة عين تريد أن يحتقر كلامه الاخرين " ويلٌ لكل هُمَزَةٍ لُمُزَةْ " .
وتسامح بلال مؤذن الرسول مع أبى ذر حين نعته" ياابن السوداء" وعاتبه النبي صلى الله عليه وسلم "أنك امرؤٌ فيك جاهلية" وقَبِلَ بلال اعتذاره الذي كان موقف وليس بكلمة اعتذار حيث وضع خده على الأرض وطلب منه أن يضع قدمه عليه ليسامحه -ورفض بلال بخلق رفيع وقال: غفر الله لك.
فاشكر واعتذر لكل من يستحق أو ينتظر منك ذلك.. جارك ولو كان غيردينك فقد أمر عمر بن الخطاب رضى الله عنه -عمرو بن العاص بالاعتذار للقبطي لأنه لطمه على وجهه وخَيّرَ القبطي في القصاص الذي يرضيه!
هل علمت الآن لماذا يجب عليك الشكر والاعتذار لأنه خُلُقْ الإسلام والأنبياء والصحابة وطريق التواضع الذي يرفعك الله به الدرجات فشكرك للناس هو شكر لله واعتذارك نوع من التواضع لله وخَلْقِهِ، فاشكر، واعتذر لله قبل أن تفارق الحياة، أشكر واعتذر لأبيك وأمك قبل أن يفارقاك، أشكر وأعتذر لزوجتك وأبنائك والأقربين من حولك لتترسخ هذه الثقافة ويصفو كدر النفوس بذلك المفتاح السحري للقلوب.. تواضع فلو فكرت قليلا لوجدت حتى ماء النهر الذي لوثته بقاذوراتك، والهواء الذي لوثه عادم سيارتك وغيرهما يستحقان منك أكثرمن مجرد سبعة أحرف "شكرا" و" آسف ".. فبادر ولاتنتظر فالموضوع ليس مجرد ثقافة بل خُلُقْ ودين وقلوب تُفْتَح وتصفو.
@@@@@@@@@@@@@
رحلة البحث عن الذات 2
اذا وضعت قدمك على أعتاب المرحلة الأولى من الفكر وسألت نفسك: ماذا أحب أن أتعلم ؟ وماذا أريد من التعلم؟
تلك هى البداية الجيدة .. أن تفكر ، لقد ذهبت السنوات سدى دون أى جديد ، ترتضى لنفسك بالوضع الحالى لمعيشتك ووظيفتك ودخلك بدعوى الاستقرار ،ولم تجهد نفسك بأن تطورها بتعلم الجديد والبحث عن عمل أخر خوفا من المجهول وطمعا أيضا فى الاستقرار.. ماأسوأ الاستقرار حين يعنى السلبية وعدم الطموح ..حين يعنى الموت البطىء !!
أتعلم وأعمل ما لا أحب  فماذا أفعل؟
نعم قد تفرض عليك الظروف الاجتماعية ان تتجه الى دراسة جامعية غير هواياتك وغير ماتحب ،وتقضى سنوات فى تعلم مالاتحب هنا يجب أن تتعلم أول دروس الحياة بأن تصبر وتحفز نفسك على النجاح فلابد أن تكون قدر المسئولية ولابد أن تكون ناجحا ومتميزا تحت أى ظروف، وليكن حافزك فى تلك المرحلة -حبك لأن تنهى مرحلة من حياتك ،وبعد الجامعة قد تعمل أيضا فى نفس المجال الذى لم تختاره أصلا ولكن لاأحد يدرى فقد يجعل الله لك فيه الخير الكثير وقد يكون سبب سعادتك وتميزك فى الحياة طالما اجتهدت وعملت أقصى طاقتك، ولترضى بما أحب الله لك وكما قال أحد الصالحين " ندعو الله بما نحب فاذا وقع مانكره تركنا رضانا الى رضاء الله ولم نخالف الله فيما يحب " .
ولكن لاتكف عن التعلم وتطوير ذاتك بالبحث عن سبل التميز فى تخصصك ، ليفتح لك المجال لعمل آخر ووضع أفضل ، واذا كنت لاتستطيع أن تتعلم ماتحب فحاول ان تحب ماتتعلم لأنه وسيلة لهدف ستحبه ويسعدك فى الغد وهو ان تكون ناجحا .
القضية الأساسيةهى نفسك
لاتنشغل كثيرا بالمجتمع من حولك وسلبياته وتنتقدها ليل نهار،لأن شخصيتك تمتلىء بسلبيات أكثرولاتستطيع أن تعالجها لذا ركز أن تجد سبيلا لاصلاح نفسك ،ولن يُمَهَدْ سبيل مستقبلك الا بالتعب والعناء والفكر المنظم.
لاتجد النفس الانسانية غالباً -تميل الى التعب والعناء بل انها تميل الى الراحة  واختبر نفسك هذا الاختبار البسيط .. هل لو أمسكت هاتفك المحمول أو فتحت  جهازالكمبيوتر الخاص بك فهل تفضل أن تشاهد فيديو لمحاضرة دينية أوعلمية أوتاريخية-لتتعلم منها وتنهض لتمسك بقلمك واوراقك لتدون اهم ماسمعت لتتعلم ؟
أم تفضل أن تشاهد فيلما أو مسرحية قد تكون رأيتهما آلاف المرات أم تتابع أخبار أصدقائك على الفيس بوك والتويتر مستلقيا على ظهرك ؟
،وماحجم الوقت الذى تتحمله نفسك فى المتابعة والمشاهدة فى الحالتين؟
هل تقرأ أو تشاهد أى موضوع الى نهايته كلما زادت تفاهته وسطحيته ؟
كن صادقا مع نفسك .. فاذا كانت اجاباتك كلها سلبية، فاعلم أن نظام حياتك كله يحتاج لاعادة نظر .. فوقتك ليس له قيمة عندك ، ومستوى فكرك وعلمك ليس فى مرحلة الوعى بالمجتمع من حولك وبالتالى فلن يكون لك أى قيمة أو كيان فى المجتمع لو استمرت حياتك هكذا بلا فكر فانت كفاقد الوعى ، وستظل بلاقيمة !!
ابحث داخل ذاتك واستخرج مواهبك وطورها بالعلم والبحث واجعلها عمل آخر بجانب عملك الذى فرض عليك فى مجال لاتحبه لتستشعر احساسك بآدميتك .
يجب أن تعلم ان كل العظماء والناجحون على مدار التاريخ لم يأتى لهم النجاح إلى حيث يجلسون أو يستلقون على ظهورهم ويستمتعون، فنجاحهم وأعمالهم العظيمة واختراعاتهم الخالدة واعتماد حياتنا عليها تجعلنا دائما نتساءل : ماذا لو لم يفكر الانسان ؟ وللحديث بقية ..
@@@@@@@@@@@@@@@@
رحلة البحث عن الذات 1
عفواً البداية من داخلى
مقال بقلم / عبده عبد الجواد
لاتتعجب من نفسك كثيراً لأنك صرت تعيش وتتحرك فى الحياة  مثل الآلة،ولاتندهش أنك ربما تلوم نفسك كثيرا حين تنظر حولك فتجد فلانا وفلانا صار عظيماً أو شهيراً أو غنياً ، وتؤنب نفسك وتسشعر دناءتها وتتألم -فقط لدقائق- ثم لاتحرك ساكنا أو تأتى بجديد لتكون مثلهم ، وتعود بعدها لتدور في روتين يومك المعتاد!.
أمة متناقضة
لقد تأثرت بالمجتمع وتناقضاته نعم..فقد نشأت في أمة تعاليم دينها " اعقلها وتوكل "، ومع ذلك تختار الطريق الآخر السهل " سيبها على الله" .. أمة تردد في مأثوراتها الشعبية " القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود" ولسان حال الغالبية " اصرف مافى الجيب يأتيك مافى الغيب"!
أما عن القرش-لمن لايعلم-من الأجيال الجديدة فقد كان ذات يوم مشهورا كقرش البحر وكان ذو قيمة وجاه - بالرغم أن الجنيه يساوى مائة من مثله، وكان الكثيرون يحلمون أن يكونوا من حملة الجنيه أما الآن فقد اوشك أن يشيع الى مثواه مثل أخيه الصغير القرش!
المهم أن البيئة التى تعيش فيها حتما أثرت عليك-لاشك، ولكن هل ستستسلم بينما العالم كله يجرى من حولك ويُكْبَتْ حُلمك أن يكون لك شأن-بين جوانحك حتى تموت؟ أم أنك ارتضيت بالروتين اليومى لحياتك ولاتحلم..فتلك هي الكارثة !
من لايحلم لايتقدم
لابد أن تحلم لكى تتقدم- لذا فلابد أن تتعلم ،ولكى تتعلم لابد أن تتعلم ماتحب ، لاتضيع سنوات أكثر من عمرك في النظر للآخرين وندب حظك العاثر لأنه فى الأساس ناتج من سلوكك التى آن لها أن تتغير والبداية من نفسك والنظر اليها وسؤالها سؤالين هامين :
 ماذا أحب ان أتعلم؟ وماذا أريد من التعلم ؟
فاذا أقبلت على تعلم ماتحب فستتعلم بشغف، واذا علمت ماذا تريد حتما ستدرك هدفك 
لاتقل أن الوقت قد فات وانتهى الأمر فأنت مازلت على قيد الحياة.. لاتقل ان الواسطة والمحسوبية هى التى تحكم الأمور وليس الاجتهاد فللكون رب يديره  "ولايظلم ربك أحدا ".
لاتقل انى صرت كبيرالسن وضعف بصرى فقد تحمل نبى الأمة صلى الله عليه وسلم مسئولية رسالة الاسلام وكان فى الأربعين من عمره أماعن بصرك الضعيف فيمكنك ان تسمع وتتعلم بأذنك .. وتذكر أن طه حسين أحد عظماء التاريخ كان كفيف البصر.. لاتقل أننا نعانى فى الحياة ونعيش بالكاد فذلك أدعى أن تتحرك فالمعاناة هى التى تولد الفكر والابداع  ، وقد يجعل الله فى سعيك رزقا وفضلا لاتتوقعه فأرض الله واسعة فلاتستسلم لضعفك " قالوا كنا مستضعفين فى الأرض قال ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ؟"النساء97
شخصيات فى سجلات التاريخ
حتى أولئك الذين عاشوا فى بيئة كافرة تعبد البقر والشمس مثل كونفوشيوس وبوذا- ورغم التحفظ على فكرهم وفساد عقيدتهم -الا انهم استطاعوا أن يجعلوا لهم أتباع يعتنقون فكرهم لمجرد أن أفكارهم اشتملت على بديهيات كل الأديان السماوية والتى بالطبع لابد أن تترك أثرا فى أى شخص من جنس البشر، فدعوا فى فكرهم الى العدل والحب والتسامح وفعل الخير والاحسان الى الوالدين والأقربين وحسن معاملة الزوجة وكبار السن ، ولم تكن هذه الأفكارمتداولة فى فكرمجتمعاتهم ،ولم ينقصهم سوى الايمان بالله ووحدانيته ذلك العنوان الأكبر للعقائد السماوية واستطاعوا أن يجعلوا لأنفسهم مكانا فى سجلات التاريخ وبين العظماء لتأثيرهم فى مجتمعاتهم بهذه الأفكار الجديدة أنذاك ، وماموقفك مع ذاتك الآن وكل هذه الأفكار التى كانت يوما سبقا بشريا هى جزء من عقيدتك وتعلم أن ربك يرزق من يشاء بغير حساب. 
أين أثرك فى الحياة
لاتغضب ياصديقى وتظن أننى أهاجمك ، ولاتظن كذلك أننى أوافق على السكون والخضوع .. لاتظن أننى أحفز داخلك الاحساس بالسخط  وعدم الرضا برزق الله ..فحلمك الذى أدعوك لصياغته هو الهدف والطموح والنظر لغدك بشكل أفضل وليس ذلك الحلم الذى يراه النائم، وليس ذلك من المحرمات أو حتى المكروهات ، وفى النهاية لو تحقق لك طموحك أو لم يتحقق فكله من رزق الله وفضله الذى رفع به المجاهدين على القاعدين درجة  وبين الدرجتين مائة عام – فلا تستكين .
كفى نظرللآخرين ممن هم أعلى منك الا اذا كنت ستبحث وتستفيد من تجاربهم ، كفى نظر للآخرين ممن هم أدنى منك الا اذا أردت ان تستشعر نعم الله عليك وتسعى لمزيد من الرزق والطموح والعلم وكل ذلك من الجهاد فى سبيل الله كالمحارب
أبحث عن مواهبك التى وهبها الله لك ولاتراها رغم أنها داخلك..ابحث ساعة أو ساعتين يومياً أو حتى أسبوعياً قبل أن يمر الزمن أكثر وتموت وتُدفن ومعك أفكاراً كان من الممكن أن تفيدك وتفيد العالم من حولك ..
اجعل لك أثرأً فى الحياة لتظل حيا كتلك الحفنة القليلة من العظماء بين مليارات البشر أحياءً وأمواتاً.. فالبداية من داخلك عفواً البداية من داخلى فقد كنت أتحدث مع ذاتى .
@@@@@@@@@@@@@@@@
 وطن بلا حدود قاسية أو حنون ! 
مقال بقلم / عبده عبد الجواد
بينما كان يعرض على الشاشة الفيلم السوري القديم" الحدود" الذي تناولها ساخرا دريد لحام بشخص ينتمي لشرقستان ويريد الذهاب الى غربستان وعندما ضاعت مستندات هويته الشخصية بقي على المنطقة الفاصلة حيث بوابات الحدود والاسلاك الشائكة، فصار كحال الأمة غريبا بلا هوية، ولايستطيع حتى دخول وطنه!
وقبله كان المذيع اللامع/ احمد الشقيري في خواطره يتحدث عن الحدود مقارنا بين الدول الاوربية والعربية وأعطى مثالا بالحدود بين بلجيكا وهولندا والتي كانت عبارة عن بلاطة رخامية ملونة عن يمينها بلاطة مكتوب عليها بالإنجليزية حرف "بي" وعلى الأخرى حرف "إن إل " - كرمز للبلدين، وذلك دون أي أسلاك او بوابات حدودية أو حراسة أمنية أو أسوار كتلك التي بين بلداننا العربية!
فاستَحْضَرت ذاكرتي مشهدا لا يُنسَى على الحدود المصرية الإسرائيلية منذ سنوات طويلة لأم وأبنائها الصغار تقف أمام السلك الشائك الحدودي وتتبادل الحديث -من خلال مكبرات صوت- مع زوجها في منطقة رفح الفلسطينية المحتلة ، وعندما سألتها عن حكايتها قالت: أن منزلهم هنا وورشة زوجها في الجانب الآخر وعندما عقدت معاهدة السلام  طلب منهم الاختيار، ومزق السلك الشائك أوصال الأسرة ولكى يلتقوا يستخرج الزوج جواز سفر وإجراءات ويذهب بالمواصلات أكثرمن مائة كيلو ذهابا وعودة وينتظر بوابة الحدود برفح المصرية حتى تفتح فيعود اليهم للزيارة لأيام قليلة ، بالرغم أنهم يرون بعضهم على مسافة خمسين مترا.. تلك هي الحدود القاسية!!
ونعود الى أصل القضية " الحدود" هل هي فقط شيء ترتبط بالاستعمار كما يرى الكبار؟ وهل يستحق وجودها كل هذه السخرية والألم؟
عبر العصور يظل حوار الأجيال في شبه صراع لا ينتهي فجيل الآباء والأجداد مازال يحلم بوطن بلا حدود ومازال يتغنى بحلم القومية والوحدة العربية ولابد أن تزول الحدود لأنها من صنع الاستعمار، اما جيل الأبناء فقد مَلّ كثيرا من هذه النغمة خصوصا وهو يرى حصول الأجنبي على تأشيرة دخول لأحد الدول العربية أسهل بكثير من دخول العربي، ويرى أنه حتى لو حصل على التأشيرة فهي بشروط تحددها كل دولة كالكفيل مثلا ، ويرى الصراعات على الحدود والثروات، فقد تقاتلت العراق وايران لثماني سنوات ، واحتلت العراق الكويت ، فالقضية ليست في الحدود في حد ذاتها فلكل دول العالم حدود ، وليست كل الحدود على النموذج الذى ذكره الشقيري فماذا عن سور الصين العظيم والحدود بين فرنسا وألمانيا، وسور برلين السابق الذى كان بين شطري المانيا قبل اتحادهما ، ولكن الموضوع ببساطة أن تقسيم الحدود بين كل دول العالم  تم باستغلال الظواهر الجغرافية الطبيعية كالجبال والأنهار مثل جبال الهيمالايا بين الصين والهند وجبال الانديز بين تشيلي والأرجنتين أو بعمل حدود واضحة المعالم وحتى لو حدث خلاف كما حدث بين بريطانيا والأرجنتين حول جزر فوكلاند فالحرب محدودة المدة والخسائر (74 يوم فقط)، أما التقسيم الاستعماري في العالم العربي فقد كان مخططا بأن يكون هلاميا غير واضح المعالم، ولايخفى على أحد الخلافات بين كل الدول على الحدود : مصر والسودان- العراق والكويت-السعودية وقطر والبحرين- الامارات وإيران و.و.!
ولكن هل يمكن أن نعيش حياة بدون حدود ولاقيود؟ وهل الحدود على اطلاقها شيئاً سيئاً ويجب أن نتخلص منها؟
طبعا لا.. فالحدود ليست فقط الحدود الجغرافية الطبيعية كما بكل بلاد العالم أو الحدود الصناعية كما في بلادنا ، ولكن معنى الحدود واسع فهناك حدود الله: أي أوامره ونواهيه والتي أٌمِرْنا ألا نقربها " تلك حدود الله فلاتقربوها" ، وهناك حدود الأدب واللياقة والتي يُلزِم الله ثم قيم المجتمع الناس جميعا بالالتزام بها " فسباب المسلم لأخيه فسوق وقتاله كفر" ،" وهناك الدماء وحرمتها أول ما يقضى الله فيها يوم القيامة" ، وهناك حدود الإسلام كحد الزنا وحد الحرابة وحد القذف وغيرها والتي تكرم بنى آدم وتحفظ الحقوق بين الناس في المجتمع فلابد من عقاب لأي متعد للحدود لضمان أمن المجتمع ككل ، وهناك حدود القانون التي تنظم الحقوق والواجبات بين أفراد المجتمع والتي ان لم تطبق على الجميع سواسية بعدل ودون تمييز تسود الفوضى ويهلك الجميع  " انما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وان سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد "، وأبسط الأمثلة تلك الخطوط التي تحدد حدود الملاعب الرياضية فهل يستطيع الحكم أن يقوم بمهامه داخل المستطيل بدون هذه الخطوط والحدود، من هنا فلا حياة بدون حدود.
لماذا كان التفكير في وجود حدود بين الدول وما أهمية ذلك؟ ولماذا ستبقى ولن تزول؟
في البداية كان التفكير في وجود حدود لاستشعار النزعة التوسعية في الدولة المجاورة أو الخوف من قوتها فبنيت الأسوار والقلاع أو لمنع انتشار الأمراض من دولة لأخرى فوضعت على الحدود نقاط التفتيش والحجر الصحي وكذلك لمنع تسلل المجرمين ،ولمنع حدوث تضارب بين المصالح الاقتصادية للدول نتجه للتفاوت في المستوى الاقتصادي بينهما ، والحفاظ على الهوية الثقافية لكل دولة ، ومع مرور الزمان سار بناء قلعة أو سور لحماية أي دولة رؤية ضيقة ومتخلفة بعد تطور أنظمة التسليح الصاروخية والتي تخترق الاف الأميال في لحظات ،وبالتالي فهي تَحِد من التسلل البرى فقط ، أما باقي الأسباب لوجودها فمازالت قائمة لذا فلن تزول الحدود!
ولكن لماذا توجد حدود شبه وهمية بين بعض الدول الأوربية وتستطيع أن تدخل للدولة الأخرى بمجرد أن تخطو خطوتين على الأرض بلا أسلاك أو بوابات ألا يخشون من المجرمين أو نقل الأمراض أو التأثير على هويتهم الثقافية؟!
 وهنا نقول أن ذلك يتوقف على العلاقة بين الدولتين وتقارب الثقافات إضافة الى أن كل فرد يُحْكَم بالقانون وهو يعلم قوة تطبيقه في حال المخالفة فلا واسطة ولامجاملات أما نحن في وطننا العربي فلا نُحْكَم  بالقرآن ولابسلطان عادل ، فأحكامنا مختلطة بين قليل من الشريعة والكثير من قوانين الغرب ودساتيرنا لا تعرف سوى ديمقراطية الأهواء التي تسمح لمن يتكلم بلغتنا أو برأينا فقط أن يتكلمون فهم الأمناء وهم أهل الثقة والباقي خونة يجب أن يطردوا وتسلب جنسيتهم أو يسجنوا ، أما القانون فهو مطاطي نطبقه عندما نريد أن نجرم معارضينا أو نبرىء  أنصارنا !! وهؤلاء الأمناء الوطنيين الآن سنراهم -ولاتندهش - هم أنفسهم الخونة غدا!
مشكلة الحدود ليست في الأسلاك الشائكة فاتفاقيات المصالح الاقتصادية وتبادل المنافع تتخطى ذلك، وهي الأصل في الموضوع وليس الشعارات والقوميات التي فشل بسببها اتحاد مصر وسوريا واتحاد وادي النيل بين مصر والسودان، فقد انضمت بريطانيا للاتحاد الأوروبي حين وجدت مصلحتها في ذلك وبرغبة شعبها، وعادت تقرر الانفصال باستفتاء، ورغبة شعبها أيضا ‘وفى النهاية لم تقاطعها تلك الدول ولم يتبادلا السباب والشتائم كما نفعل نحن، بل عقدت الاجتماعات وتقررت الالتزامات التي يجب ان تسددها، فهل نحترم رغبات شعوبنا كذلك؟! وهل نفعل ذلك في بلادنا؟!
مشكلة عالمنا العربي ثلاثية الابعاد الأول: التبعية، فوطننا العربي بعضه أمريكي وبعضه روسي والآخر مختلط الانتماء، وكل حاكم يهتم بمُلْكِهِ أولاً ثم شعبه الذي هو داخل حدود دولته، وكل الدول التي تتغنى ليل نهار بأن الاستعمار القديم (البريطاني الفرنسي الإيطالي) هو السبب في تخلفها لهثت وراء المستعمرين الجدد في أمريكا وروسيا وذيولهما الاتحاد الأوروبي!
 والثاني: الصراع المجتمعي، بنظرة من الداخل سنجد بكل دولة تركيبات عرقية مختلفة وأجناس مختلفة الأهواء من البشر وتركيبات واتجاهات دينية تتصارع وتحلم بحاكم قوى عادل يساوى بين الجميع دون تمييز، وستجد إمكانيات بشرية واقتصادية هائلة لو تكاملت لصارت قوة لا يقدر عليها أحد والجميع يعلم ذلك ولكن يخشى بعضنا بعضا!!
الثالث: ضعف الرؤية الشاملة للإدارة حتى داخل الدولة الواحدة فتجد خلافات على الحدود حتى بين المحافظات!!  فقد تجد الطريق السريع بين المحافظتين دون رصف أو أنوار في جزء منه بسبب الحدود ومن منهما يتحمل ذلك من ميزانيته، وقد يطبق قانون معين على بلد صغيرة داخل دولة كأن تكون منطقة حرة مثلا ويتمتع أهلها بمزايا معينة، وتوضع الحدود ويُحْرَم من هو من محافظة أخرى داخل الدولة الكبيرة بل ويجرم ويسجن لو لم يسدد رسوم معينة في الجمارك، وكذلك في أولويات الإسكان أو التعيين بالوظائف في كل محافظة لأبنائها دون الآخرين مع أنهم جميعا أبناء نفس الدولة!
وهكذا فأصل القضية في الحدود القاسية التي تضع الحواجز النفسية داخلنا تجاه بعضنا البعض بأمر كل حاكم، أو تلك التي تقصم مشاعر الشعوب التي من المفترض أنها أسرة واحدة، وتفرقها كتلك الأسرة التي قسمتها معاهدة السلام والتي لم يهمني وقتها أن أعلم أهي مصرية أم فلسطينية ؟!، أو تلك الحدود القاسية التي تصنف البشر دون الحقيقة فيكون حدود ائتمانك هو نطاق سلطتك وأموالك وتوافقك في الرأي أو المذهب أو العقيدة ، أو تلك التي تركز على شعارات الوحدة والقومية الجوفاء دون رؤية واقعية لشكل هذه الوحدة وشكل التكامل الاقتصادي ورغبات الشعوب مما يجعلهم يختلفون ويتفرقون ويتناحرون حتى بسبب مباراة في كرة القدم !!
ومن هنا فقد خسرت الأجيال الماضية الرهان على القومية العربية وتناثرت أحلامهم وذهبت كغثاء السيل، وقد يشاء الله أن نجد يوما وطنا بلا حدود قاسية كانت أو حنون ، وحكاماً تقود الأمة فنتجاوز الأسلاك الشائكة وبوابات الحدود، ولن نفقد الأمل وسنستمر في الحلم أيضا بلا حدود!
@@@@@@@@@@@@@@@@
                                         
عن العشاق سألونى
مقال بقلم / عبده عبد الجواد 
هل تذكرون" ياسمينا" تلك الفتاة المدهشة فى برنامج المواهب الشابة؟ قد لايعلم الكثيرون من الجيل الحالى أن أغنية" عن العشاق" التى شَدَتْ بها أنها من كلمات شاعر جميل اسمه" بيرم التونسى" وكلماتها عبارة عن خمسة أبيات غنتها ام كلثوم فى فيلم " سَلاّمة" (بتشديد اللام) عام 1944 أيام المملكة المصرية .
لقد قصدت من هذه المقدمة التاريخية الاشارة الى عدد من النقاط الهامة :
أولا: لم يُخِرج الناس -التى سمعت هذه الأغنية وقتها - معنى الاغنيةعن سياقها الأصلى
وهو حياة راعية الغنم والتى بدأت أغنيتها : "سلام الله على الأغنام"  وأكملت الاشادة بأغنامها فهى مطيعة هادئة لاتنفعل ولاتغضب بسرعة ولكنها تصبر" ولو تتشتم ولو" تنضرب" !
ولم يفهم الناس - بأنها رسالة من الملك ( الحاكم وقتها) الى الشعب بأن يعيش كما تعيش أغنام سلاّمة فى طاعة عمياء مهما فعل الملك وحاشيته فالدنيا كانت أبسط والفن لم يكن مُوَجَهاً !!
فقد كانت وسائل التواصل قليلة أو نادرة وكانت تحت السيطرة ومن يعرف القراءة فقط هو من يعلم، فبقى الجاهل جاهلاً يأكل ويشرب كالأنعام على هامش المجتمع،وظل العالم مجتهدا يتلمس وسيلة للعلم وبقى المجتمع على قِيَمِهِ .
ثانيا: هناك أغنية أخرى- فى نفس الفيلم - خفيفة وجميلة تحمل روح الدعابة
" قولى ولاتخبيش يازين" فقد امتلأت الأغنية بما ينظرإليه البعض على أنه فتاوى حين سألوها"القَبلة حلال ولاحرام؟" فأجابت راعية الغنم " القبلة ان كانت للملهوف...يأخدها بدال الواحدة ألوف"
وعمن يقابل حبيبه الذى طال شوقه للقائه .. هل هو مذنب أم لا؟ " فقالت:" يوافى الوعد ولاينساه إن كان فيها شفاه ودواه" والأهم من كل ذلك أنه لايهتم بأحد : " ولايسمع للناس كلام ولايخشى للناس ملام"!
وأختتم الشاعر كل هذه الآراء " وياما ذنوب يغفرها الله وربك رب قلوب " !
سمع الجميع كل هذه الكلمات الخفيفة المرحة التى تشبه الفتاوى ولم يعتبرها أحد كذلك .. فالجميع يعلم حدود الله ولم يقل أحد أنها تعبر عن فِكْر شاعر منحرف يزدرى الدين أو قيم المجتمع ،ولم يحمل المعانى أكثر من كونها كلمات ترسم الابتسامة على الوجوه .. كم كانت الحياة بسيطة وجميلة !
فلما زادت وسائل التواصل ،بكثير من القنوات الفضائية والاذاعية والانترنت فى مجتمعات جاهلة زاد الجاهل جهلا بل صار جزءا من منظومة نشر الجهل من إمتلاكه للقنوات أو حتى من خلال هاتفه الشخصى الحديث ولم تعد الوسائل تحت السيطرة فضاعت اللغة بين منشورات  لغة الفرانكو وأخطاء الاملاء ،وضاع الدين وضعفت العقيدة بين منشورات مغلوطة،وضاعت القيم والأخلاق بين مواقع الشواذ ! وصارالتواصل الاجتماعى ووسائله فقط لتبادل النكات ونشر الشائعات والجهل ،والقليل جدا منها يستخدم ويوجه في سبيل الله أو ينشر العلم الصحيح.
ثالثا : تواصل الأجيال والبيئة الاجتماعية :
وأعود الى ذلك البرنامج الذى بدأت الحديث به ، فلما تغنى الموهوبون فيه بالأغانى القديمة فاذا الجميع يتواصلون بها من غير قصد وجلس الشباب والشيوخ معا يستمتعون بقصة (سلامة راعية الغنم )تغنى عن العشاق -فاعترفت: " أنا فى العشق (لاأفهم)" فلما أصروا أن تغنى قالت" (سمعناهم ) يقولوا العشق حلو وآخره علقم " أى شديد المرارة.
وبقى للجيل الجديد المتعة بالاستماع لحديث العشاق وحلاوة العشق، بينما الباقين من الكبار ومن لديهم بعض العلم يغمرهم القلق ولايشعرون سوى بالمرارة من قنوات تزيد المجتمع جهلا سياسيا وفكريا وتوجهه كيفما تشاء خلف مايلقب " بالاعلامى.. أوالمفكر.. أوالباحث الاسلامى " وقنوات أخرى تضيع  منظومة القيم بأفلام هابطة ليل نهار ، وأخرى تنشر الحوادث بالتفصيل ليتقن ضعاف النفوس فن الجريمة ،وجهلاء ينشرون من هواتفهم الجهل والأكاذيب  و..و..ومع مرور الأيام تتزايد الرغبة لدى أصحاب السلطة والمال والشهرة لبقاء الأوضاع كماهى، ويظل حوارالطرشان ولاأحد يسمع ولاأحد يفهم فالكل يظن انه يعلم والكل يتكلم ولا أحد يسمع ولا أحد يحرك قاطرة المجتمع فى مسار العلم، تملأ الأسماع والأبصار يوميا أخبارالارهاب والتطرف ،التحرش الجنسى ،والجرائم  ويتحدث المحللون ويتهمون الدين وشيوخ القنوات الدينية بكل هذا ويضربون الأمثال- وبكل فخر - لقد عشنا فى أزمان ماضية وكانت النساء تسير في الشوارع بالمينى جيب ولم يكن في مجتمعنا تحرش ، ولم يحدث الا مع انتشار الحجاب والنقاب !
ويفتقد الجميع شجاعة سلامة راعية الغنم ولايجرؤ أيهم ان يقول على أى موضوع   :( لاأفهم)  .. !
وتمتلىء الدنيا ضجيجا بغثاء أفكاره وأخبار ليست بالأخبار ولكنها مما يتناقله الناس ويسبقوه بكلمة (سمعنا) –لكنهم
 لا يقولون كلاماً صادقاً - كما تحدثت سلاّمة عن العشاق !
@@@@@@@@@@@@@@@@
 ألوان الحياة -1
 اختيار الصديق

مقال بقلم / عبده عبد الجواد
أمسك بهاتفه وهَمّ أن يتصل بصديقه فدخل الساعى بأوراق وملفات فانشغل وذهبت الفكرة وتكررت لأيام إلا أن ذهنه ظل مشغولاً بهذا الأمر ..فلما نام رأى صديقه فى المنام فى هيئة غير طبيعية فانزعج فلما استيقظ فى الفجر كعادته قرر أن يذهب للقائه فى المسجد القديم المجاور لمسكنه .. فاذا به يرى صديقه على نفس الصورة التى رآها فى منامه .. سأله عما أَلَمَ به ؟ فقال: إنى مهموم وفى كرب عظيم وكنت سأطلبك اليوم أو أقابلك لأسألك الدعاء لى بظهر الغيب ..!
تلك درجة من أعلى درجات العلاقا ت الانسانية الصداقة والحب فى الله..تجمعا بتجاورالمسكن والأهل منذ طفولتهما ثم المدرسة والجامعة ثم تفرقا فى العمل ثم المسكن وباعدت بينهما الحياة وبقى الود والعلاقة فى القلوب فقط لأنها لله  .
وهكذا فان للبشر أنواعا وتصنيفا فى نفوسنا فهناك الصديق الصدوق- الذى يشار اليه بقول لقمان الحكيم : " رب أخ لك لم تلده أمك "  فهى علاقة أرواح تتآلف وكما ذكر النبى صلى الله عليه وسلم : " الأرواح جنود مجندة ماتعارف منها إئتلف وماتنافر منها اختلف " ، وهما أيضا :" رجلان تحابا في الله "
وبحكم التجاور والعشرة والتآلف فَهِمَ كل منهما الآخر بمجرد النظر فلا حاجه للتفكيرفى البوح بالأسرار أو كتمانها فهما يعلمان كل شيء عن بعضهما .
وهناك الزميل في مراحل الدراسة المختلفة ، وهناك الجار في المسكن والحى.
درجات البشر
ويخطىء الكثير منا خاصة شبابنا فى الخلط بين درجات البشر ولايعرف كيف يتخذ فلانا خليلا أو زميلا .. والأمر يحتاج لبعض التفكير والتروى ، فقد يبادر عن جهل وتعجل بالبوح بكل أسراره وربما بعض أحداث وخلافاته مع أبيه وأمه ، ويستطرد بالحديث عما يحب ومن يحب ويكره، وعندما ينقلب الزميل الذى ظنه صديقا فجأة لعدو لدود وتنقطع العلاقة ينتبه وقتها فقط بأنه تعجل فى العلاقة وفى إفشاء أسراره فليس كل الفرقاء أمناء فمنهم المنافق الذى إذا خاصم فَجَرْ.. ووقتها يتذكر قول الآباء الذى اعتبره من المواعظ المملة " إذا ضاق صدرك بسرك فصدر الذى تبوح اليه أضيق " ( الامام الشافعى).
مدرسة الحياة
فليس مطلوبا سوى أن ينظرشبابنا الى آبائهم وأمهاتهم فهم القدوة والمثل ويسألوهم عن أصدقائهم الحقيقين سيجدون أنهم ربما لايتعدون أصابع اليد الواحدة لأن مدرسة الحياة علمتهم الفرق بين الصديق والزميل !!
حاول أن تفكر قليلا لكى تتمكن من عمل هذا التصنيف لمن تتعامل معهم فى مدرستك وجامعتك وعملك وجيران مسكنك وأسأل نفسك عن هؤلاء الذين تتعامل معهم فلابد ان تقوم بتصنيفهم فى نفسك الى نوعين : الصديق والزميل .
ولكن كيف تقوم بهذا التصنيف ؟
 فقط حاول الاجابة بكل صراحة مع نفسك على هذه الأسئلة:
هل منهم الذى أحتاج بالفعل أن أستمر فى تواصلى معه ، ويستحق ذلك لو تغيرت الظروف وانتهى ظرف المكان الذى يجمعنا.. مدرسة أو جامعة أوعمل أو سكن ؟؟
هل يغضبنى فعلاً ويؤثر فى نفسى ونفسه هذا الفراق ؟
هل منهم من يربطنى به علاقة توافق نفسى فى الطبيعة الشخصية وتماثل السمات النفسية والبيئة الاجتماعية ؟ ام العلاقة فقط مجرد مصالح شخصية ؟
هل شعرت من المواقف التى مرت بكم فى الفترة الماضية أنك تُوضَعْ فى نفس من تقدره وتحبه فى نفس المكانة ولنفس الأسباب التى ليس منها المصالح الشخصية؟
هل شعرت بالتواصل الانسانى الحقيقى فى الظروف التى مرت عليكم من مرض وفرح وحزن هل شعرت بمشاعر حقيقية أم مجرد واجب فرضته ظروف الزمالة؟
هذه نماذج بسيطة وغيرها قياساً عليها هى مايجب أن توجهه لنفسك ورغم تفصيل الكلمات وكثرتها فى الشرح إلا ان تطبيقها والتفكير فيها قد يستغرق مجرد دقائق قليلة وورقة صغيرة تحصر فيها من حولك من الناس وتقوم بهذا التقييم البسيط.
لاتنسى أن الله خالق البشرجعلهم درجات وأنواع وصفات متفاوتة بهدف الابتلاء والتمحيص وسينتقى منهم يوم القيامة المؤمنين الأنقياء الأتقياء الذى يقفون عند حدوده لنيل جنته ويعذب بناره الكفار والمنافقين والضالين .
لاتصادق من تصادف
فالبشر ليسوا سواء فى الدنيا ولا فى الآخرة وليسوا نوعا واحدا ليستحقوا منك أن تصادق من تصادفه بل يجب أن تنتقى حسب حديث النبى صلى الله عليه وسلم : "فالمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" .
وأنت أيضا لن تنال رضا كل من تتعامل معه أو تستطيع أن تكون صديقه " فاذا أرضيت كل الناس فأنت منافق ، واذا لم ترض أحدا فانت شيطان او أحمق"
فلاتعامل الناس معاملة واحدة وتبوح للجميع بكل أسرارك فالصديق الحقيقى يعلم ويشعر بك دون حديث ، والقلوب أوعية الأسرار والشفاة أقفالها والألسن مفاتيحها فلتحفظ مفتاح سرك (الخليفة/ عمر بن عبد العزيز )
فلا تنظر للناس من حولك على أنهم شيئاً واحداً كالضوء – فليسوا كذلك ،بل هم ألوان مختلفة يتآلف فيها الطيب مع الطيب والخبيث مع الخبيث.
 وكذلك الضوء الذى تراه فهو أيضا مزيج من ألوان قَدّرها ومزجها الله بقدرته لتراها شيئاً واحداً - تلك ألوان الحياة وكذلك أصناف البشر!
@@@@@@@@@@@@@@@@
هل تستطيع أن تتخيل الحياة بكل مافيها أبيض وأسود فقط ؟ وترى الأشجار والورود حتى فى الربيع ..وترى الملابس والجدران وكل ماحولك فقط ..أبيض وأسود ! ..تماما مثل الأفلام القديمة التى طالما شاهدناها آلاف المرات ..فكر قليلا واستشعر أحد نعم الله العظيمة فى كونه وتنوع ألوانه ، فقد جعلها رفيقاً رقيقاً للانسان فى رحلة حياته ..تشاطره أفراحه وأحزانه وتتحمل أحاسيسه المتقلبة، فهو يلمسها برفق ويتلمسها بحنان فى باقة زهوريهديها لحبيب أو يُقدم إكليلها تكريماً في حفل صديق أو يضعه على قبر راحل عزيز..أو تُكمل حُلمه فى ملابس بيضاء ملائكية لعروسه..أوملابس سوداء ترافق نحيب أصوات جنائزية يتمنى صمتها ومرورأيام الحُزن والحِداد !
رحلة الأبيض والأسود
بدأت الرحلة باكتشاف ابن الهيثم للضوء ثم اكتشف نيوتن أن هذا الضوء الأبيض الذى نراه مكون من مزيج من سبعة ألوان تسمى ألوان الطيف تتحلل الى ثلاثة ألوان أساسية الأحمر والأصفر والأزرق وأربعة ألوان أخرى ثانوية وهى البرتقالى والأخضر والنيلى والبنفسجى وذلك بمراقبة انعكاس ضوء الشمس على قطرات المطر فى شكل قوس من هذه الألوان السبعة فسبحان الخالق العظيم،أما اللون الأسود فهو ملك الألوان وسيدها وذلك لأنه يمتص جميع الألوان ويحجبها فلا تظهر.
وأما عن رحلة الألوان مع مراحل حياة الانسان
فاذا صارالعاشق المُقبل على الحياة فيرى أهمها اللون الأحمر المُفْعَم بالحياة يملأ الوجود بالحب والأمل والتفاؤل ويرتعش قلبه وهو يراه وردياُ فى حياء خدود حبيبته.
وأما الشديد العشق والغيرة على حبيبه فيرى أهمها اللون الأصفر فيغار حتى من النَفَسْ الخارج من صدر حبيبه أن يتنفس عبيره غيره ، ويخشى ويغار أن يرى غيره نظرات عيونه العاشقة .
ورغم ذلك فمازال اللون الأصفر يخطو فى مسار آخر عند الناس فى وصفهم للحاقدين والمنافقين فإعتاد الناس أن يصفوا ضحكتهم"بالصفراء" وشخصهم "بالصُفر" وكأنه لقب !
، واما العلم فقد أثبت ان اللون الأصفر يُحّسِنْ الحالة النفسية ويزيل الاكتئاب " يسر الناظرين" كما ذكرت الآية الكريمة ، وربما كان هذا هو السبب فى طلاء مستشفى العباسية بهذا اللون والتى صارت تعرف عبر أكثر من مائة عام ماضية بالسرايا الصفراء والتى تمتلىء بالكثير من المرضى النفسيين ولايريدون الخروج رغم الشفاء( حسب حديث مدير المستشفى) بعد أن لفظهم أهلهم فصارت السرايا بالنسبة لهم رمز الحنان والأمان المجتمعى !!.
وأما من اشتدت عليه أعباء الحياة فقرر الحصول على اجازة -فيرى فى اللونين الأخضروالأزرق النجاة والسلوى -عند جلوسه وسط أى بستان أو حديقة أو رؤية  شاطىْ البحر أو بتأمل زرقة السماء الصافية .
 واذا اتفق الناس على حُب اللون الأبيض الملائكى فى ملابس الأطباء والتمريض حين تذهب للمستشفى لتزور صديقاً أو عزيزاً إلا أن الجميع يتفق أيضا على كراهيته حين يكون هو نفسه راقداً فى السريرمريضاً لايرى سواه فى أغلب مايحيط به وقد عبر عن ذلك الشاعر" فى غرف العمليات كان نقاب الأطباء ولون المعاطف أبيض، تاج الحكيمات وأردية الراهبات، الملاءات ولون الأَسّرِة أبيض، أربطة الشاش والقطن، قرص المنوم، أنبوب المصل وكوب اللبن أبيض، كل هذا يشيع فى قلبى الوهن، يذكرنى بالكَفَن، فلماذا إذا مِتُ يأتى المُعَزُون مُتشحِين بشارات لونِ الحِدَاد"! (1)
واذا اتفق الناس على وقار وحشمة اللون الأسود حين ارتدائه اختياريا فلا يختلف اثنان على كرهه حين يُفرض فى حالات الحزن وكذلك في حالة اليأس والتشاؤم والتي حينها -لايرى جمالاً ولاصدقاً ولاحباً ولاإخلاصا فكل شىء في عيونه ليس له معنى أو قيمة أو جَمال!
وهناك من يجدون سلواهم فى اللون البنفسجى والبرتقالى والنيلى وغيرهم ..
فسبحان الله خالق الألوان لتشاركنا أفراحنا وأحزاننا والذي ذكرها لفظا فى كتابه العزيزفى قوله تعالى: "واختلاف ألسنتكم وألوانكم"، "وماذرأ لكم فى الأرض مختلف ألوانه".
 وذكرها تفصيلا حيث الأصفر: "بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين"والأبيض:"بيضاء لذة للشاربين"والأبيض والأسود:"وكُلُوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود" والأبيض والأحمروالأسود :"ومن الجبال جُدَدٌ بيضٌ وحُمرٌمختلف ألوانها وغرابيب سُود" والأخضر: "ويلبسون ثياباً خُضْرَاً من سُندُسٍ "، والأزرق:"ونحشر المجرمين يومئذٍ زُرقا"(2).
وسبحان الذى جعل النور واحداَ - من مزيج ألوانه ليُخرِجَ به عباده من ظُلماتٍ كثيرة، ،وأنزل آياتٍ فى كتابه ذكر فيها النور دائماً (مفرداً) وهو طريقه المستقيم وأما الظلمات(بصيغة الجمع)-حيث ظلمات الشركٍ والضلالٍ وسُبل الأهواء ورفاق السوء.(3)
ولاتجد إنسانأً يُفَضل لونأً،ويستغنى عن باقى الألوان فباقة الورود تزداد بهاءً بتنوع ألوان زهورها وتبهج النفس أكثر-عن توحدها فى لون واحد،وتزداد أهمية الألوان وتتناقص حباً وكُرهاًعلى مدار العمر وظروف الحياة .
وبينما نفكر ونحلم ونُحب ونَكره بعض الألوان عبر حياتنا فان من فقد بصره أو ضَعُف فلايكاد يرى الأشياء ولايميز ألوان الحياة أو يستشعر معانيها -فإنه دون أن يدرى- يعشقها جملة واحدة وهى تمتزج لتُشَكِلَ حُلمه بأن يرى شعاع نور .
(1) من الديوان الأخير"أوراق الغرفة 8-للشاعر أمل دنقل ).
(2) نماذج لبعض الآيات .
(3) تم استخدام كلمتى الضوء والنور كمترادفين حسب المعاجم (الوسيط والجامع). 
@@@@@@@@@@@@@@@@
القليل ليس دائما الشيء التافه أو مايستحق الاحتقار فقد كان شرب(القليل) من الماء دليل إيمان جنود طالوت،وقد ينجيك من النار شِقْ تمرة ، وكذلك الكثير ليس مدعاة للفخر  فكثرة مالك وفرط سلطانك سيطيل وقت حسابك أمام الله ،ومن يرزق بطفل صالح بار بوالديه خير من كثير عاقين أو فاسدين ، 
والرضا بقضاء الله وقدره من شروط الايمان ، وتقييم ماتملك فى الحياة أهو قليل أم كثير يخضع لعدة اعتبارات تجعلها نسبية من شخص لآخر فى ارتباطها بمستوى سعادته وحد كفايته وعوامل اخرى :
الحيز والنقيض :
 قد يتحكم فى نظرتك وحكمك على الشيىء أنه قليل أو كثير نطاق الحيز الذى يشغله ذلك الشىء وزاوية رؤيتك وتقديرك له فترى الماء قليلا اذا وضع فى اناء كبير بينما لو صببت نفس القدر من الماء فى إناء أصغر ووجدته ممتلئاً فستشعر أنه كثير رغم انها نفس الكمية ! فقناعتك ورضاك عن رزق ربك ولو قليل يملأ إناء ذاتك ويرضيها .
ولن تشعر أنك تتحرك الا إذا نظرت على جسم ساكن ولن تستشعر شدة جمال الأشياء الا اذا رأيت قُبحها،وقد يرضيك مرتبك القليل لأنه يكفيك، وقدتضيق نفسك بسرعة اذا وجدت من هو مثلك فى المؤهلات والخبرات أو أقل ويتقاضى أكثر منك وتتساءل: لم لاأكون مثله وأدخر بدلا من العيش الكَفَافْ ؟!
الحالة النفسية وشدة الحاجة
دائما يُضرب المثل عن الشخص المتفائل بأنه يرى النصف المملوء من الكوب ،والمتشائم لايرى سوى النصف الفارغ فالأمر يتوقف على حالته النفسية ، والظمآن شديد الظمأ يشعر أن بضع قطرات من الماء مهمة وكثيرة ويتناقص هذا الاحساس تدريجيا مع ارتواء ظمئه وتلك نظرية اقتصادية تتعلق بالحاجة وحد الاشباع .
المستوى الاجتماعى والاقتصادى
تجد أن قليلاً من الطعام حتى لو كان مستخرجاً من أكوام القمامة قد يرضى ويسعد أسرة فقيرة والكثير من الطعام الفاخر المتنوع قد لايرضى أفراد أسرة غنية اعتادت أطيب الطعام،وقد تجد بواب أى عمارة فى منتهى السعادة هو وأسرته بتعودهم الجلوس لقليل من الوقت على رصيف العمارة مع نسمات العصر فى الوقت الذى قد لايرضى أسر الأغنياء ولايسعدهم الكثير من الوقت يقضونه فى أفخم المطاعم والمنتزهات على ضفاف النيل أو على شاطيء البحر .
قدر الحاجة والكفاية
لانشعر غالبا بقلة مانملك الا اذا لم يكفى حاجتنا فاذا كفانا ببركة الله فهو كثير، والقليل الذى يكفيك خير من كثير لاتؤدى حق الله فيه بالشكر وتُحاسب عليه ،فلنكن كالصياد فى البحر يرمى شباكه ويرضى بما يرزقه الله قليلا كان أو كثير ، وكما فى الحديث الشريف :(قد أفْلَحَ مَنْ أسلم ، ورُزِقَ كفافاً ، وقَنَّعه الله بما آتاه)- والكفاف:هو حد الكفاية بلا زيادة أو نقصان .
وهكذا فان فلسفة الحياة فى القليل والكثير نسبية 
وتتوقف على عوامل حياتية مختلفة وقد ذكرت الآية الكريمة " كم من فئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً باذن الله " (البقرة249) -وهكذا فقوة القلة من الجنود مستمدة من الايمان بعون الله وليس بكثرة عددهم و عدتهم ، وكذلك ذكر القرآن فى موضع آخر" وأعدوا لهم ماأستطعتم من قوة "(الانفال 60)- أى ماتقدرون عليه من جنود وعتاد فالنصر ليس بالكثرة ولكن بقلة مؤمنة بالله وأن النصر حتما من عنده فقط .
وشخصية الانسان هى بمثابة الاناء الذى وفقا لما فيه من ايمان وخبرة وتجربة وقناعة تتشكل نظرته الموضوعية للامور دون إفراط أو مبالغة ويتمكن من جعل المحيطين به من زوجة وأولاد وأصدقاء ومحبين يستقون من هذا الاناء ، ويتأثرون به رغم صعوبة وتنوع الظروف الاقتصادية والاجتماعية ، تلك النظرة التى بناء عليها ينظر بتفاؤل ويرى جمال كونه ونصف الكوب المملوء من داخله ،ويقنع بحالِهِ ويرضى برزق الله ويستشعر قيمة نعمه ، "وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها"(النحل18) -فدائما ماتُذْكَر النِعم بصيغة المفرد"نعمة الله" فكل نعمة تحتوى على الكثير من النعم لمن يتأمل ويتدبر ،ودائما مايوصف صفوة المؤمنين بأنهم (قليل) لتميز ايمانهم، ويذكر متاع الكافرين من الدنيا بأنه (قليل ) لوضاعة قيمته وان كثر !
ويذكر لفظ (الكثرة)مع الفسوق والاسراف والكفر ، وحتى الكلام (الكثير)- ليس فيه خير- إلا لأمر بمعروف أو صدقة،وقد جعل الله النبى صلى الله عليه وسلم يرى حجم المشركين فى منامه (قليل) ليحفزهم على القتال ،وعفا الله عن (كثير) مما أُخفى عن الناس من الانجيل والتوراة باظهاره ونزوله فى آيات القرآن وكذلك أعاننا على تحمل المصائب التى هى حصائد أعمالنا وفى الموضعين ذكر "ويعفو عن كثير"  (المائدة 15)(الشورى 30(
وأخيرا فان هناك من الأشياء مايجب أن يشغل ذهننا وجود( القليل) منها فى نفوسنا أو فى الآخرين مثل الأمانة والالتزام بالمبادىء والقيم والدين والأخلاق والعدل و..و.. وهناك أشياء أخرى يجب أن يقلقنا وجود (الكثير) منها مثل الفساد والخيانة والجهل والظلم ولايحتاج الأمر بمجتمعاتنا  الى دليل ،فلاتغرنك الكثرة فليست دليل الجودة أو الخير حتى لو اجتمع عليها البشر .
@@@@@@@@@@@@@@@@
حدود بلا وطن
مقال بقلم / عبده عبد الجواد

مرت لحظات صمت .. شاطرنى صديقى مرارة الألم فى حلقى ، ورُسِمَ على وجهينا سؤال:أين الوطن ؟! فلم تعد مشكلتنا وجود الحدود بين أجزاء الوطن ولن نستطيع ازالتها فقد بقيت بينما تاهت ومُسِخَتْ معالم الوطن !!
جال بخاطرينا أحلام الوحدة العاطفية القديمة بين مصر وسوريا، وأخرى مع السودان المسماة بوحدة وادى النيل ووحدة مصر والاردن والعراق ثم مجلس التعاون الخليجى التجمع العربى الوحيد الذى بدأ يتداعى هو الاخر!!
ننظر الى بلادنا..شرقا وغربا،شمالا وجنوبا نجد القتال والصراع
 فمن يُقاتل مَنْ ولماذا ؟
يتقاتل الجميع كلٌ من أجل هدف خاص به لذا تعددت الجيوش فى كل جزء من الوطن ، فجيش الوطن صار جيش النظام وهناك الجيش الحر والديمقراطى والاسلامى وجيش التحرير،ورفرفت رايات غريبة بكل جزء من أوطاننا فتلك سوداء وأخرى صفراء وحمراء وبيضاء بينما رايات الوطن صارت باهتة ممزقة تظهر على استحياء !!
وهكذا تركنا عدونا القديم ليأسنا وخوفنا -وظننا أنه بعيدا- بينما يتربص بناعلى الحدود ، وتفرغنا لعدونا الداخلى القريب- الذى يسلب حريتنا ويفقرنا ويظلمنا ويحارب الدين ، انه النظام الحاكم الذى يراه الفرقاء كافرا لأنه لايطبق شرع الله ، ويرونه وارثا لأنه جاء بالتوريث وليس برأيهم بانتخابات حرة والوطن ليس تركة ،ويرونه ظالما لأنه وأسرته وحاشيته يسيطرون على أغلب موارد البلاد،ويرون جيش الوطن الذى يحميهم من العدو لايفعل شيئا سوى حماية حكامهم لذا فهو جيش النظام !
وتقاتلت الجيوش التى تبحث عن الحرية والديمقراطية والعدل والاسلام -مع بعضها ومع ماأسموه جيش النظام واحترقت المدن وخُرّبَتْ الثروات ودُمِرَتْ الجيوش .
وفى النهاية فلا صارت بلادنا حرة ولا ديمقراطية ولا اسلامية ولا عَمّ أرجائها العدل . بل صارت أشلاء وطن، وماصارت الشعوب سوى فقراء .. جهلاء ، وعبيد  !
لماذا يحدث هذا الصراع الآن ولم يحدث طوال السنوات الماضية؟
يرجع جذور المشكلة لحوالى نصف قرن او يزيد قليلا حيث كانت أغلب الدول العربية تعانى من الاستعمار الأجنبى وكان حلمها الكبير فى التحرر وان يحكمها أبناء الوطن فكان الحكم أما ممالك( جمع مملكة) أو جمهوريات أشبه بالممالك تورث الحكم ، ومع اختلاف البيئات وأنظمة الحكم الا أنه لايخفى على احد ماتعانى منه الشعوب عموما من حكم قهرى أو عسكرى بشكل أو بآخر فى أغلب البلاد لايهتم بالعلم ولاالعلماء ويحارب الدين بشكل أو بآخر ففى داخل أغلب حكامنا أنه لو انتشر العلم وتثقف الشعب أو تعلم دينه بحق فلن يكون لحكمهم وجود- هكذا يعتقد أغلبهم- فتعمقت المشكلة عبر السنين وزادت جراحها ، ودخل الارسال الفضائى ، وكذلك الانترنت بعد معارضة شديدة فى البداية،وايهام الناس بأنه كارثة ستحل بأبنائهم وتدفعهم الى الفساد والانحلال الخلقى !!
واتصلت الشعوب رغما عن حكامها - بالعالم الخارجى المتحضر وتحركت العقول وحَنّتْ القلوب للحرية والديمقراطية والعدل ،وبدأ الشعور بالضجر من الظلم والقهر وبدات تظهر الحركات الثورية التى تطالب بالحرية والديمقراطية وأخرى تطالب بتطبيق الشريعة ، وتفرقت العقيدة بالحرب بين السلطة وجماعات الجهاديين والسلفيين والشيعة والاخوان والوهابيين وغيرهم ، وأُهْمِلَ التعليم ليزيد التعتيم فهرب العلماء إلى الخارج وبقى بعضهم تائهاً فى دروب الوطن يبحث عن وظيفة فلايجد واذا تظاهر مطالبا بحقه فمصيره السجن والقهر من الحاكم وسلطاته وحاشيته من أصحاب الأموال والنفوذ الذين يحتمون بالجيش وسلاحه الذى أسموه بجيش النظام !! وصارت الشعوب تشعر بألم وحسرة وكأنها فى استعمار جديد فثارت
ليس لها من دون الله كاشفة
هكذا وجدنا هذه الآية الكريمة تخطر ببالنا ففعلا الأمر صعب ومعقد، فالشعوب لن تهدأ والحكام لن يتركون كراسى العرش الذى يرون أنفسهم أجدر بها وقد عَرّضُوا أرواحهم للخطر من أجل طرد الاستعمار والتحرر منه ، فلماذا يعيش فى دور الوصيف ،ولِمَ لايكون الملك أو الرئيس فكلاهما سواء؟! ولاسيما ان أتباعهم من حملة السلاح وأصحاب رؤوس الأموال وأغلب أهل الاعلام بالميكروفونات والشاشات ، وبعض أهل القضاء وبعض اهل الدين والفتوى وغيرهم من ذوى المصالح لن يكفوا عن تأييدهم !
ولن يكف أعداؤنا عن مد كل المتصارعين بالسلاح وسيظل الأشاوس هنا وهناك يحملون السلاح فكلهم أبطال ،وكلهم حماة الوطن ،وكلهم شرفاء، وكل منهم المؤمنون حقا ومادونهم كفار ومنافقين يجب قتالهم وقتلهم ،ووقت الصلاة الجميع يصلون ويبتهلون ويدعون الله بالنصر والرحمة لشهدائهم الأبرار الذين هم بالطبع قد حجزوا منازلهم بالجنة -هكذا يعتقدون-رغم أنهم يعلمون أنه :" اذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار".
لاتحزن ياصديق.." فليس لها من دون الله كاشفة" ..أَعْلَمْ ان بُكَاءَنا سيستمر فقد بكى الآباء والأجداد على ضياع وحدة الوطن واليوم نبكى على وحدة كل بلد من بلاد الوطن ،سيستمر الضياع والدمار وستكثر الرايات ويستمر الصراع طالما غاب الدين وغاب العلم وغاب العقل وغاب القائد القوى الأمين الذى يساعد كل انسان أن ينتصر على نفسه ونزواتها ، ويحتوى فكر الفرقاء بالقرآن أو بالسلطان من أجل الوطن ..فقط الوطن ، وحتى يقضى الله أمره سيظل كل منا ينظر لسقف بيته بينما أصوات الانفجارات تدوى – ولايخشى لحظة سقوط أحجاره على رأسه وأهله فلعلها شهادة عندالله أفضل من الحياة البائسة ،و ستظل بوابات الحدود والأسلاك الشائكة صامدة شاخصة العيون الى الأفق البعيد باكية ساخرة تنتظر نهاية حرب ليس فيها منتصر ، تبحث عن الوطن أو حتى رايته التى إختفت بين رايات الغرباء !!
  نشر على مقال كلاود على الرابط :


تعليقات