هل يقربنا "ريان" من "الريان"؟!- مقال

هل يقربنا "ريان" من "الريان"؟!
مقال بقلم/ عبده عبد الجواد
 و"ريان" الأخير هو باب الصائمين أحد أبواب الجنة الثمانية، وأما "ريان" الأول فهو ذلك الطفل المغربي الذي لايتعدى عمره الخمس سنوات والذي سقط في بئر عميق يصل لستين متراً تحت سطح الأرض ومحيط سعته من أعلي ٤٥سم ومن منتصفه قطره ٣٥سم وذلك ماجعل جدار البئر الاسطوانى يحجز الطفل على بعد ثلاثين مترا أي في منتصف البئر تقريبا !

بقي الأمر هكذا والطفل عالقاً لخمسة أيام تقريبا ليؤكد من جديد عجز البشر مهما تقدموا علمياً ، مثل عجزهم عن مقاومة الأمطار والسيول والزلازل والبراكين وعجزهم حتى أمام أنفسهم بأن يتخلوا عن أنانيتهم ويتعاملون معاً كبشر دون قتال وحروب ودماء!
تجمع العالم وترقب وتعلقت القلوب والعيون بالشاشات تتابع الحفر العميق لبئر مواز ثم الحفر العرضي ليصلون لمكان الطفل وسط لقطات قليلة تصور الطفل ووجهه عليه آثار دماء وسط أنبوبين تم إنزالهما له بالماء والطعام والأكسجين ووجوهنا تعلوها علامات إستفهام كثيرة لا تجد من يجيب ..
هل إستطاع الطفل الصغير التعامل مع الموقف وتلك الأنابيب هل شرب فعلاً ؟ هل استطاع أن يحرك جسده في تلك المساحة الضيقة ؟ هل قاوم الخوف والظلام في تلك الحفرة؟ وكيف له ذلك ؟!
كيف وأي رجل أو سيدة ممن يتابعون الحدث لا يقوى علي الصمود بلا خوف تحت الأرض للحظات في مساحة قبر يسع كل جسده.. أمر مخيف أن تكون تحت الأرض وفي ظلام!
تعطلت الكاميرا التى كانوا يتابعون إستمراره على قيد الحياة من خلالها -هكذا أُعلن-ولم تعد هناك وسيلة تواصل..وثار السؤال عن سبب عدم توصيل كاميرا بديلة ..ربما تم ذلك وربما لم تتعطل الكاميرا من الأساس !
فربما علموا أنه مات لذا لم ينشروا الصور فالاعلام والرأي العام يتابع والضغوط شديدة وربما يُحْبَط القائمين بالانقاذ فليتعلق الجميع بالأمل أو الوهم!
وبعد ساعات إنتظار طويلة أُعلن الوصول لمكان الطفل وأن سيارة إسعاف ستنقله لأقرب مستشفي وبعد دقائق قليلة جدا أذيع بيان الوفاة، مما يؤكد خروجه ميتا!
مات "ريان" شهيداً طفلا بريئاُ في الجنة بإذنه تعالي، ويموت مثله كل يوم ألف "ريان" ..يموتون من البرد والفقر والحروب أمام الكاميرات ومن خلفها دون أن نجتمع ونتحد أو تتحرك مشاعرنا قيد أُنملة لانقاذهم!
مات "ريان" ولسان حاله يذكرنا بقصة الثلاثة الذين أغلق عليهم باب الغار وينبهنا لحتمية أن يكون لنا عملاً خفياً نستجير به الله ليجيرنا فى الشدة .
مات ريان بعد أن سلمنا رسالة من الله فهل من أعمال وتوبة وصوم عن الظلم والذنوب لعلها توقفنا يوماً خلف "ريان" علي باب "الريان"؟.
عبده عبد الجواد
6 فبراير 2022

تعليقات