كَتَبْتُ
هذه الكلمات تحت العنوان السالف ذكره وحين قرأته لأحد أصدقائي تعجب منه في البداية
وكان كلما رآني يداعبني :(جميل مقال عمر الشريف ده.. هكذا كان يسميه) ..! بينما تعجب آخرون اعتادوا ان يقرأوها شريك
العمر.. نعم ولكنني هنا بصدد الحديث عن: عُمْر شَريك العمر-فهل يروق لكم هذا العنوان؟
عموما موضوعنا هل هناك عُمر مناسب لشريك العمر.. لا تتعجل وتغادر سطوري فربما تجد
جديدا.. فمن
المعروف أن جيل الزواج " حسب العرف" عشر سنوات ولكل جيل أفكاره وأحلامه فهل لو كان شريك عمرك ابني.. ابنتي..
أصغر او أكبر منك بما يزيد عن العشر فهل سيكون مناسبا لأفكارك؟ حالات
الزواج: من
خلال تجارب الحياة واحتكاكي بالكثير من حكايات الآخرين نجد ثلاث حالات: أولا: الزواج في سن متساو: غالباً ما يخلف وراءه تنازع سلطات وتشبث كل
منهما برأيه والنتيجة طبعاً سلبية ومعروفة فلا أحد يفوق الآخر خبرة أو علماً
فلماذا يسمعه وإذا سمعه فكيف يقتنع برجاحة فكر الآخر عن فكره!ثانيا:
إذا كانت هي أكبر قليلا بشهور أو سنوات: وهى حالة قليلة الحدوث فبعد
سنوات من الزواج سيشعر أنها أكبر منه بكثير في الحالة الصحية والبدنية والنفسية
حيث أنه من المعروف فسيولوجيا اكتمال النضج بالبلوغ عند الأنثى قبل الذكر وبالتالي
فإحساس الشيخوخة والهرم يبدو بشكل واضح لو قارنت امرأة برجل في سن الأربعين!ثالثا:
أن يكبر الشريك شريكته بسنوات تزيد عن العشر سنوات: فغالبا ما يشعر في
بداية الزواج أنه يعيش مع
طفلة بعيدة بشكل واضح عنه في الفكر والأحلام، فبينما تفكر وتحلم أن تأكل كل يوم في
مطعم للوجبات السريعة حيث لا تريد- أو لا تعرف شيئا عن فن الطبخ، يحلم هو-
بطعام أمه الذي كان يتمنى أكله من يد زوجته! وبينما
تفكر وتحلم بأن تسافر من آن لآخر في رحلات هنا وهناك.. يفكر هو - في ميزانية الشهر
والمصروفات المطلوبة وكيف سيوازنها مع دخله القليل! من
يضمن نجاح الزواج؟! هنا
نجد سؤالا هاماً يفرض نفسه: هل نضمن نجاح الزواج طبقاً لهذا الشرط فقط.. أن عُمر
شريك الحياة لا يزيد عن خمس الى عشر سنوات كحد أقصى لصالح الرجل الواقع يقول :لا ،
ولا أحد يضمن شيئا ، ولكنه أحد عوامل التوافق ، والحل يكمن في توافق الأرواح(فالأرواح
جنودٌ مُجَندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في
حديث صحيح البخاري-ذلك الأصل في الموضوع والذى يجعلك تشعر بالفعل بأن شريك حياتك
جزء من نفسك وليس عبئا ًعليك ، وكما
ذكرت الآية الكريمة{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا
لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ} الآية
21 سورة الروم فشعورك
أن شريكك هو جزء من نفسك هو ما سيأتي بالسكينة والمودة والرحمة في
حياتكما معا، وهو ما سيجعل الحياة تسير
مع تسامح وغفران للهفوات واختلاف
الطبائع والصفات، تلك أهم أسباب التوافق بكل ما تعنيه الكلمة، ثم
ابحث عن التوافق الاجتماعي، والتوافق المادي، و التوافق الثقافي ، ثم التوافق البدني
..فلو حدث التوافق الروحي ربما يذيب كل الفوارق .. الاجتماعية والمادية وحتى
العمرية أيضا، ولو نشأ الحب والتوافق بعيدا عن مرآة الحب العمياء - التي
يذكرونها في الأمثال دائما - بل بناء على رؤية يتوافق فيها القلب مع
العقل دون صراع أو قلق نفسي فغالبا ما ينجح الزواج وتذوب كل الفوارق
في بوتقة الحب ! الاختبار
الحقيقي لصحة الاختيار للشريك غالبا
ما تكون السنوات الأولى للزواج هي الاختبار الحقيقي للاختيار المتوافق، وأنه تم
بناء على أسس واقعية وليس على خيال وأحلام.. فالسنة الأولى للزواج هي ما تجعل
اختيار الشريك على المَحَكْ بعد أن انتهت مرحلة الرسميات والاحلام والحرص على
الظهور أمام الآخر بمظهر معين قد يكون حقيقيا أو وهميا فقد صار كل طرف على طبيعته
ولم يعد لدى كل منهما ما يخفيه عن الآخر في طبائع نومه ويقظته وتناوله لطعامه
وشرابه وملبسه وغيره، وخلال
السنة الثانية يكون اختبار تحمل أعباء الحياة سواء بدت بشائر أول مولود أو تعثر
ذلك فتظهر قوة الارتباط خصوصاً بعد ابتعاد أهل الشريكين عن المساهمة فى أعباء
الحياة وبدء مرحلة مواجهة الحياة بدخلهما الحقيقي، وبعد مرور
هذين العامين بسلام بإذن الله -تسير الحياة خاصة
مع توافر النية على التحمل والصبر وتخطى العقبات والتجاوز عن الفروق الفردية - التي
أبداً لن تذوب - وألا تجبر شريكك على أن يكون نُسْخَتَكْ ويخضع لطِبَاعِكْ التي
تتنافر معه، فهناك الحد الأدنى للتوافق على الطِبَاع المتنافرة في كافة العلاقات الانسانية..
بين الزملاء والأصدقاء وحتى الجيران، ومن الأولى أن تشمل عُش الزوجية . الأمر
إذاً عظيم قد يفوق قدرات البشر اذا أردنا دراسة التوافق
وكيف يحدث، ولا أدعى أن كلماتي تناولت كل خلفيات وزوايا الموضوع، ولكن
لو علمت أن الخالق سبحانه وتعالى قد كتب في اللوح المحفوظ سجل حياتك
قبل أن تكون جنينا ببطن أمك وحتى تفارق الحياة وهل ستكون سعيدا أم شقيا
فماذا بيدك سوى أن تلجأ اليه ليهديك السبيل فاستخره في كل أمور حياتك - خاصة في
ذلك القرار المصيري، فلا تشغل
ذهنك كثيرا بفشل بعض علاقات الزواج ولا أسبابها حتى لو رأيت أطراف الفشل طيبين أو
صالحين فانت لا ترى سوى ظاهرهم كما تفهم من بعض آياته ظاهرها أيضا والله وحده
يعلم الجهر وما يخفي، وقد صدق حين قال {الْخَبِيثَاتُ
لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ
لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ } الآية 26 سورة النور لقد
صدق الله عز وجل بينما كذبت وفسدت بواطن العباد فكن طيباً صالحاً يرزقُكَ خيراً
ولن تحتاج حتى - لأن تفكر في عُمر الشَريك. |
نشرت بموقع رقيم في 27/12/2018 على الرابط: مقال عمر الشريك |
تعليقات