كيف وماذا صارت لماذا ؟!-مقال

كيف وماذا صارت لماذا؟! مقال عبده عبد الجواد
كانت أغلب أسئلتنا عن ديننا فيما سلف يسبقها : كيف او ماذا ؟ .. نسأل عن كيفية العبادة، وماذا نفعل لنؤديها على الوجه الأكمل.. كان ذلك فى الوقت التى كانت وسائل الاتصال والتواصل قليلة وليتها بقت قليلة فمع كثرتها بلا ضابط ولا رقيب صار كل من هب ودب يستطيع أن ينشر أى معلومة دينية أو طبية أو حتى علمية دونما أى توثيق بمصدر أو دليل من علم ، وتنتشر سريعا فى لحظات ..!
يوما ما كان العلم نادرا وصعب المنال والامكانيات قليلة لشراء كتاب أو مرجع ، وعلى الرغم من ذلك كان هناك علم حقيقى وعلماء حقيقيين، أما الآن فمع انتشار العلم وسهولة وسائله كثر الجهل والجُهّال ،وكثرت الأسئلة الحائرة فى العقول وعلى ألسنة الناس ويريدون على عجل- لها جواب ، ولما كان العلم لايُنَال على عجل فلم يجدوا أسرع ولا اعجل من اجابة الجهلة والمُرْجِفين( الذين ينشرون الكذب والشائعات) ،وانصاف المتعلمين والمأجورين الذين يقبضون ثمن كل شيىء وأى شيىء حتى ولو كان الدين من اجل شهرة او واجهة اجتماعية ويعاونهم في نيلها امثالهم !
صارت أغلب الأسئلة يتصدرها (لماذا؟) ..لماذا نعبد الله .. لماذا نفعل كذا ولماذا حدث كذا ؟
..بدلا من : كيف نعبد الله ؟ وماذا نفعل لتكون عبادتنا لايشوبها شائبة ونتقرب أكثر لخالقنا ؟
صار استعمال حروف الاستفهام مثل (الهمزة أو هل ) والتى اجابتها مختصرة فى كلمة : نعم أو لا – صار قليلا جدا ..فقد كثر الكلام وكثر الجدل وحُرِمنا القناعة والرضا بالقليل حتى فى أسئلتنا وأجوبتها .. كثرت المواقع ومنصات الكلام علمى وغير علمى صحيح وغير صحيح وكثر المتكلمون وكثرت أغراضهم ،وقليلهم الذى يبغى نشر العلم الصحيح لوجه الله .
كثرت آذان المستمعين بغير وعى وقل الواعون فحاول ان تكون من القلة الواعية وليس من الكثرة الضالة.. ابحث عن العلم من مصدره الحقيقى الموثق والموثوق به فقد كَثُرَ فى البحر الزَبَدْ وكَثُرَ من الناس الغُثَاَءْ .. ابحث لك عن قائد أو معلم .. ابحث عن قدوة أو دليل .. ابحث عن ثمرة يانعة آمنة بين الثمار الكثيرة المختلطة ، واخرج الفاسد فورا او دُلْ عليه ولاتواريه ولاتتوارى عنه ، لاتتخلى عن مسئولياتك فقد فسدت المجتمعات من كثرة ما نوارى ونتوارى منه .. من كثرة ترديدنا العقيم : " ليس من شأنى.. لست انا الذى يصلح الكون!" .. فمن اذاً سيصلحه اذا تخلى الكائن العاقل الذى خلقه الله فى الكون ليحمل الأمانة ويديره بعقله فمن يدير ؟ أأصحاب انصاف العقول أم الأنعام ؟!
أَكْثِر من استفهامك لكل شيىء من حولك لتتعلم ، فأدوات الاستفهام هى ادوات التعلم .. أكثرمن السؤال بكافة الأدوات فى كافة العلوم كما تشاء .. قل: ما او ماذا؟ .. قل: كيف وهل ومتى وأين ولماذا ؟ قل ماتشاء ، واعلم ان دليل زيادة علمك هو قلة استخدامك لأسماء الاستفهام السابقة واستبدالها بحروف الاستفهام مثل: الهمزة وهل ؟
 وحين تصل حتى لو لأقل منزلة من العلم ستجد أكثر سؤالك لنفسك : [أ] أطعت الله حق طاعته؟ أو [هل] ماأفعله الآن أو ماأنوى فعله هل يرضى الله .. ؟ وستجدك فى دينك خاصة لاتستعمل أو تستعمل بحذر [لماذا] فدينك دين عقل وعلم ولاينهاك عن سؤالك أَنّى كان ، وكيف كان .. ولكن لاتنسى أن أركان عقيدتك تستند على التوحيد والايمان بالغيب فى ايمانك بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.. فايمانك لايرتبط بمعرفة أسباب كل الأشياء ولو بحثت فى أسئلة المشككين التى دائما بلماذا ( فلماذا نعبد؟! ولماذا خلق الله الخنزير وقد حُرّم أكل لحمه ؟ولماذا تقضى المرأة أيام الصوم الفائتة ولاتقضى أيام صلاتها ولماذا ولماذا ؟!! ) ..
لو بحثت حتما ستجد اجابات المهم ألا يكون يقينك مرتبط بمعرفة السبب والاقتناع به فكل أسباب الكون موجودة تماما كاعجاز القرأن ولكنها لن تظهر دفعة واحدة وحتما ستظهر عبر الزمان- بتقدم علم أو ازدهار فكر- فعدم معرفتها الآن ليس دليلا على عدم وجودها ، فليس اليقين هو فقط ماتراه أو مايحيطه علمك ، وتذكرأقرب اجتماع او صلاة جمعة كنت تحضره حين تساءلت أنت وصديقك عن أحد أصدقائكما وجزمتم الرأى انه لم يحضر وعلمتم فيما بعد أنه كان حاضرا وان لم تراه أعينكما فقد كان موجودا وان لم يحاط علمكما به !
ولو بحثت فى القرآن ستجد الهمزة الاستفهامية (أ) ، و(هل) وردت كثيرا بما يصعب حصره ثم (كيف) وردت 81 مرة ،(أين) وردت 28 مرة ، ( ماذا) وردت 27 مرة ثم ( متى) 9 مرات
ألا يجب ان نستنبط من ذلك شيئاً ؟!
احرص على تلقى العلم ولاتتعجل أن تنشره وذكر نفسك بأنك مازلت تحتاج المزيد من العلم والتعلم والصبر، لاتفرح بصفحتك المفتوحة على وسائل التواصل تأتمر بأمرك وتنشر وتكتب فيها ماتشاء ، حقا انه لشيىء مخيف ويستحق الفكر والتأنى والتأمل - لو تذكرت أن تلك الصفحات وماتخطه بها من كلمات -ستحتويها يوما صحائف أعمالك...
 انطلق فى العلم والتعلم ،وقف حيث يوقِفُكَ مُعّلمك .. فهو دليلك وقدوتك الذى اخترته ، وهو وسيلتك لصحيح علمك ودينك ، واعلم أن طلب العلم -خاصة فى دينك- لايتطلب فقط سؤالك: "( لماذا)" .. ً بل يحتاج أكثر إلى .. ( كيف وماذا ؟ ) وغيرهم .
تم نشر المقال على مقال كلاود
على الرابط :
https://www.makalcloud.com/post/7jefplvrt
العلم-الدين-اسئلة-مقال-روائع-الفكر-عبده-عبد-الجواد

تعليقات