هى حلم كل العشاق .. مملكة الحب.. فليس هناك فى الحياة سوى الحب
والكلمات الرقيقة الحنونة ، فهى جولييت تحلم بحبيبها ذلك الفارس الذى سيخطفها على
الجواد الأبيض ويسير- بل يطير بها فوق السحاب ، وهو روميو- ذلك العاشق ذو القلب
والفكر الملائكى ولايرى فى الكون سواها ، ولايرى من الحياة سوى الجمال والرقة
وينام يحلم بشمس الصباح التى تجمعه بها يوما فى مملكة الحب .
أفيقوا.. فأنتَ لن تكونَ يوماً روميوأو قيس ! وأنت ِلن تكونين يوماً جولييت أو ليلى !
هناك حقيقة لابد أن تعرفها اذا كان حلمك فعلا الوصول لمملكة الحب فلا
تتعجل ، فللكون نواميسه وسننه التى لاتخطىء ، وكل من يحلق فى السماء ويطير فى
العنان لابد له يوما أن يسقط -تلك الحقيقة التى ستكون صادمة يوما ما -إذا لم تنتبهوا .
فهل تستطيع أن تدخل المطار
لتستقل طائرة الى مكان دون ان يكون معك جواز سفرك وبه تأشيرة مكان هدفك الذى بعد
ساعات طالت أم قصرت ستصل اليه ، وكذلك تذاكر السفر وبعد ذلك تتوجه الى المطار !
حتى نستطيع أن نحلق الى سماء مملكة الحب التى هى فى خيالنا خيال -فما
أجملها لو صارت واقعاً نعيش فيه مع من نحب- ولكن لابد ان نتلمس خطى الواقع لكى
نحلق بأجنحة الحب ونصل لمملكتنا المنشودة فابحث عن التوافق النفسى والبدنى والاجتماعى .. ابحث عن التوافق الفكرى مع من
تحب .. راجع قدرتك المادية فلابد ان يكون لك عمل ودخل حتى لو شبه ثابت بعيداً عن
أسرتك وأسرتها تلك مقومات النجاح وخطوات الدخول لمطارالحب حيث تصطحب رفيقة عمرك
وتستقل طائرتك لمملكة الحب..لسان حالك يقول:لقد تعقدت المسألة! لو كان هذا فكرك فاعلم أن "روميو
وجولييت" هى قصة وليست واقع،وقد ماتا منتحرين وبقى أثرهما الجميل فى تصالح
عائلتيهما المتنازعتين لشعورهما بالذنب لمقتل ولديهما،ولم يكن قرارهما بالانتحار
لهذا الهدف ولكن الأمر أن "روميو" اعتقد ان "جولييت" قد ماتت
أو قتلها أهلها بسببه فتجرع السم لأنه لايستطيع العيش بدونها ،وأما هى فقد أفاقت
من دواء تناولته يجعلها تنام لفترة طويلة كالميتة هربا من الزوج الذى اختاره لها أهلها
.. فلما أفاقت وجدت حبيبها منتحراً بجانبها فقررت هى الأخرى التخلص من حياتها وفى
النهاية فذلك خيال كاتب !
فهل يعجبك هذا الخيال وتلك النهاية التى هى-وفق عقيدتنا
كُفرٌ بَيّنْ ؟!
أما عن الواقع فتجربة صديقيك التاريخين العاشقين وكليهما "
قيس" لقبا بالمجانين وهما فى الأصل ليسا كذلك وهكذا الحب ان لم يقوده
الفكرالواقعى فهو جنون.. أحب القيسان ليلى ولبنى فالأول: قيس بن الملوح .. كانت
"ليلى" ابنة عمه واعتبر أهلها أن شِعْره الذى ذاع وانتشر بين الناس بقصة
حبهما تشهيراً فرفض أهلها زواجهما ،وتزوجت غيره رغم أنه عرض مهراً لها أكبر- فبقيت
داخله الرمز والقمر الذى سيظل يراه طيلة حياته دون أن يلمسه أو يقترب منه،ولما علم
بأنها راضية بحياتها وتعيش كما تعيش كل الزوجات ..هام على وجهه منعزلا حزينا فى
الصحراء حتى وجدوه ميتا بين الحصى والأحجار !!
والثانى: قيس بن ذريح الذى هام عشقا بحبيبته "لبنى" وذاع
الأمر بين الناس الا أن توسط الوسطاء جمعهما وتزوجا وعاشا سنوات معا، وفرق بينهما
أنها لم تنجب وبضغط من الأهل طلقها ، ورفضت هى طلبات الزواج من بعده وكذلك هو الى
أن تم الضغط عليه مرة أخرى بضرورة الزواج فتزوج الا أنه لم يستطع أن يستمر فتركها
بعد ثلاث ليالى دون أى يمسها ، وكانت "لبنى "هى الأخرى قد تزوجت حين
علمت بزواجه واعتبرته غداراً ، إلا أنها لم تطق أيضا زوجها وأخبرته فخيرها بينه
وبين قيس فاختارت قيس وطُلِقَتْ وقبل أن تُكمل عدتها لتعود لحبيبها ماتت فبكاها
حتى مات هو أيضا بعدها بسنوات قليلة !
فأى حياة من حياة هؤلاء العشاق تريد ان تعيش وتختار، فالحياة ليس كل
خيالها جميل وحلو، وكذلك ليس كل واقعها
قبيح ومر فلابد أن تعيش الواقع ممتزجا
ببعض الخيال ، ولابد أن تحلم وتعيش فى الخيال وأنت ممتلكاً لزمام الواقع .. ومع
الأيام ستكون حبيبتك زوجتك اذا قدر الله ، أو تكون زوجتك حبيبتك اذا رضيت بقسمة
الله
فلا تهيم فى خيالك كثيرا فقد تُوَفق فى الزواج من حبيبتك التى ترى
فيها الآن -بمرآة الحب-كل النساء ثم تعيش سراباً وتبحث عن سبيل الفرار، وقد تموت
عشقاً على ذكرى فراقها وعدم نيلها وهكذا الانسان دائماً مايعشق البعيد ولايشعر
بقيمة القريب ..دائما مايحب البكاء على الأطلال.. دائما لايدرك بصره السراب إلا
متأخراً
..وسيظل يهرب من الواقع ويعشق سراب العيش فى مملكة الحب .
تم نشر المقال على موقع مقال كلاودعلى الرابط التالى :
تعليقات
جميل جدا