نعم أنا جاهل -مقال

مقال/ نعم أنا جاهل
هل لديك القدرة على أن تُجيب بهذه الإجابة على نفسك أوأي شخص يوجه لك سؤالاً مباغتاً او يناقشك في موضوع لا تعلمه هل ستجادل ام ستعترف بأنك جاهل؟!
لو فعلت ذلك لكانت الخطوة الأولى لاكتشاف عيوب نفسك وتطويرها وتصير شخصاً آخر.. نعم.. لا تندهش!! ولاتخجل واعترف فكل منا عالم في شيء وجاهل في أشياء أخرى!!
وإذا كان لا يوجد انسان في الحياة عالم بكل العلوم وبكل شيء من حوله غير جاهل بأي شيء فلم الخجل ان تعترف، ولنعلم في البداية ان المعنى اللغوي لكلمة " جاهل" أنه: لا يقرأ ولايكتب.. أو الذي يعتقد الشيء على خلاف الحقيقة.. أو الذي لا يعلم شيئا أو يعلم قليلا عن مجال معين فهو جاهل بالتجارة أو بالقانون مثلا.. أوالذى يتصرف بحمق وغباء مع الناس أي يفتقد الحكمة وقيل: " من جهل الحق أضاعه" وفى الآية الكريمة" قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين".
والمشكلة الكبرى ليست في الجهل في حد ذاته بل أن الطامة الكبرى ألا تدري أنك لا تدري أي: لا تعلم أنك جاهل!! أو أن تعلم القليل وتظنه مبلغ العلم، وبالتالي فبداية العلم ألا تجادل أحد بماتعلم بل يجب أن تتواضع وتذكر أن هذا في حدود معلوماتك وتَذّكران " وفوق كل ذي علم عليم"، ومن يظن أنه بلغ مبلغ العلم فهو أجهل الناس.
نحن لا نرى الحقيقة كاملة لنعرف أننا جهلاء أو علماء الا في حدود خبراتنا وتجاربنا السابقة، فالحقيقة لها أكثر من وجه وحدود علمك فى الوجه الذي رأيته فقط ويوضح ذلك الرواية القديمة في كتب التراث عن "الفيل والعميان" والتي وردت بأكثر من طريقة وملخصها أن ستة من العميان علموا ان فيلاً سيحضر للمدينة في الاحتفال الكبير (أو أن الفيل كان يخص الحاكم ويتباهى به بين الناس).. الخلاصة ان العميان الستة ذهبوا للحاكم ورجوه أن يلمسوا هذا الفيل لأنهم سمعوا عنه ولا يعلمون أي تصور لشكله فوافق الحاكم بشرط أن يصف كل منهم الفيل بكلمة مختصرة بعد ان يلمسه فقال الأول: أنه كالحبل ( لأنه لمس ذيله) وقال الثاني: أنه كالحائط ( لأنه لمس جسمه) وقال الثالث: أنه كالخنجر الكبير ( لأنه لمس نابه) وقال الرابع: انه كالثعبان ( لأنه لمس خرطومه)  وقال الخامس: أنه كالمروحة ( لأنه لمس أذنيه ) وقال السادس: انه كجذع الشجرة  ( لأنه لمس قدمه ) وبينما كانت تتعالى ضحكات السخرية من كلام العميان نهاهم الحاكم عن ذلك وقال: لا تسخرون منهم فقد عبركل منهم عن حدود علمه وفق الجزء الذى لمسه، وكذلك كل انسان يتحدث في حدود ما علمه واحتك به ورآه من الحقيقة الكاملة التي لا يمكن ان يراها أحد !!
وهكذا فكلما زاد علمك فانت تقرأ وتكتب حسب اللغات التي تعلمتها، تتصرف بحكمة لأنك ترى نفسك والناس وكل الأشياء من حولك على حقيقتها، تعلم الحق ولاتضيعه، وفوق كل هذا فكلما زدت علما زدت تواضعا، ستتغير شخصيتك تماما وكما ذكر وليم شكسبير" أن الأحمق يظن نفسه حكيما ولكن الرجل الحكيم يعرف نفسه انه أحمق !!"
والسؤال هنا: كيف أتعلم أو كيف أكون عالما؟؟
في البداية إذا كنت صغيرا في أي مرحلة دراسية فابدأ الآن فالعلم في زمانكم أسهل بكثير من زماننا لديكم الآن الانترنت والقنوات الفضائية التعليمية، فلست بحاجة مثلنا في الماضي أن تدخر لتسافر معارض الكتاب هنا وهناك لتحصل على أمهات الكتب العلمية، فاستغل وسائل الاتصال المتاحة إذا لم يكن لدى أسرتك الإمكانيات للحصول على كورسات في مراكز متخصصة، وضع نصب عينك قبل فوات الأوان أن أي يوم يمر دون أن تتعلم فيه أي شيء هو خسارة فادحة، ولاتضيع وقتك في الشات والافشات والنكات فلن تظل تضحك كثيرا حتى النهاية!!
 طور شخصيتك بالعلم وجهدك الذاتي إن كان أبواك من متوسطي التعليم أو غير المتعلمين اجعل لك خطة وهدف للتعلم تعتمد أسسها على بنود ستة: الأول: علاقتك بربك( فيجب ان تحافظ على الصلاة وورد -حتى لو قليل -من القران والاذكار ) الثاني: علاقتك بالآخرين ( بأن تنتقى أصدقاءك من وسط اجتماعي مثلك او أفضل قليلا من الطموحين العقلاء وابتعد عن الفضوليين والتافهين والمحبطين ) الثالث: أن تتعرف على موهبتك في أي مجال وتطورها فلابد ان يكون لك هواية رياضية فنية علمية  ، الرابع: أن تكون متفوقا في دراستك وتخصصك الذى سينتهى به مسارك التعليمي وليس مجرد شهادة لأنها المجال الذى ستدخل به الى مجال العمل في المجتمع ،الخامس: أن تكون متفوقا في اللغات حتى يسهل عليك تلقى العلوم الحديثة بلغتها ، ولاتنسى لغتك الأصلية لأنها لغة القرآن ، السادس: ان تكون متفوقا في الكمبيوتر فهو وسيلتك الأساسية للتعلم والاحتكاك واكتساب العلوم والخبرات ، والخلاصة التركيز في هدفك ولتعلم أنك في النهاية سيتركز علمك في تخصصك الأساسي فضع كل تركيزك عليه وهوايتك ولغتك الجيدة وعلمك بالكمبيوتر سيزيدك ثقافة ومعلومات عامة فلاتشتت نفسك فلاأحد يتعلم او يعلم كل شيء في علوم الحياة وتخصصاتها .
اما إذا كنت كبيرا فأنك حتما تعلم ان العلم من المهد الى اللحد، تواصل مع أولادك وأصدقائك وحاول أن تركز على نقاط ضعفك وحدد هدفك: ماذا أريد أن أتعلم؟ أو بمعنى آخر: هل انا جاهل؟ وتمالك نفسك واستجمع شجاعتك الأدبية لتجيب على نفسك نعم أنا ينقصني تعلم كذا وكذا ... نعم أحتاج المساعدة.. نعم انا جاهل فتلك هي البداية.

تم النشر على موقع مقال كلاود

تعليقات